• محمد نور الدين الهاشمي

سقوط نظرية الهرمجدون الزائفة للمفكر الاسلامي محمد حسني البيومي الهاشمي الحلقة السابعــة

سقوط نظرية الهرمجدون الزائفة للمفكر الاسلامي

محمد حسني البيومي الهاشمي

الحلقة السابعــة

************************

69 ــ خطاب نابليون والماشيحانية :


وتكشف الحقائق التاريخية أن نابليون كان من أوائل من حملوا فكر العداء الشيطاني الصليبي على بلاد المسلمين ؟؟ فمن قاهرة المعز لدين الله الفاطمي الطاهرة إلى قلعة عكا الصامدة المقدسة كان تسقط ماشيحانية بونابرت .. ويسقط أبطال فلسطين بقيادة الجزار التاريخي الشاهدة كل سياسات بونابرت الحصارية اليهودية .. فهم بوعيهم الثاقب كشفوا صهيونية بونابرت ودوافعه النازية المبكرة في حمل مطامع اليهود في الأرض المقدسة . ولن تنسي فرنسا وكل النازيين والمسيحيين الجدد هذا الصمود في عكا .. والتي من سفنها سيفتح المهدي الموعود كل حصون الكفر الهرمجدوني المحاصرة للمسلمين.. وبكل المواصفات كان نابليون يواصل الحملات الصليبية ولكن بثوب ماشيحاني صهيوني وهو أول من وجه خطابا لليهود باستيطان فلسطين في وعد بالفور بونابرتي مبكر ، يجئ وفق تصور استعماري مبكر فهو أول الوعود الماشيحانية الساقطة والمهزومة !! [ لقد انطوت حملة نابليون على مصر عام 1798 على كل التوجهات الاستعمارية الغربية تجاه الشرق العربي، فقد كان نابليون يسعى من وراء هذه الحملة إلى تمزيق وإضعاف الدولة العثمانية تمهيداً للقضاء على دولة الخلافة الإسلامية وفرض النفوذ الفرنسي على الشواطئ الشرقية للمتوسط، حتى تكون فرنسا قادرة على فرض شروطها على بريطانية. من ناحية أخرى فقد حمل نابليون معه إلى الشرق العربي مشروعين اثنين كانا قد كثر الحديث عنهما في بعض الأوساط الفرنسية ، وهذان المشروعان هما إنشاء دولة لليهود الأوروبيين في فلسطين ، والآخر هو إنشاء كيان للمسيحيين في الشرق وبالتحديد الموارنة.

لقد كتب نابليون يخاطب يهود العالم قائلاً :

[ من بونابرت القائد الأول في جيوش الجمهورية الفرنسية في أفريقيا وآسيا، إلى الورثة الشرعيين لأرض إسرائيل . الإسرائيليون هم الأمة الفريدة التي لم تستطع آلاف السنين وشهوة الفتح والطغيان أن تجردهم سوى من أراضيهم ، ولكن ليس من اسمهم وكيانهم القومي… ألا ثوروا على العار يا أيها المشردون وأعلنوها حرباً لم يحدث مثلها في تاريخ البشرية، حرب تقوم بها أمة اُعتبرت أرضها-  بجرة قلم من الحكام – غنيمة لأعدائها الذين يريدون بفظاظة تقاسمها فيما بينهم وكما يشاءون. إن فرنسا تنتقم لعارها وعار أبعد الأمم التي تركت منسية وقتاً طويلاً تحت أغلال العبودية ، وتنتقم للعار الذي أحاق بكم خلال ألفي سنة.

إن الأمة العظيمة التي لا تتاجر بالشرف ، كما فعل أولئك الذين باعوا أجدادكم إلى كل الأمم تناديكم الآن من أجل أن تستلموا منها ما قد احتلته حتى الآن وبحصانة ومساعدة هذه الأمة ، كي تبقوا أسياد البلاد ، ولكي تدافعوا عنها ضد كل الذين يريدون غزوها. لقد جعل الجيش الصغير الذي بعثتني العناية الإلهية به إلى هنا من القدس مقر قيادته الرئيسية. إن هذا الجيش الذي يقاد بالعدل ويصحبه النصر سوف ينتقل بعد أيام قليلة إلى دمشق ، المدينة المجاورة التي تهدد مدينة داوود…. فها قد سنحت الفرصة التي قد لا تتكرر ثانية خلال ألفي سنة ، من أجل المطالبة باسترداد حقوقكم المدنية بين سكان المعمورة والتي حُرمتم منها بشكل مخز طيلة ألفي سنة، ومن أجل المطالبة باستعادة كيانكم السياسي كأمة بين الأمم وبحقكم الطبيعي في عبادة يهوه بحسب إيمانكم علناً ومن غير شك ، إلى الأبد»  (208)

ونقل اليهودي الماشيحاني : إيلي ليفي أبو عسل هذا الخطاب النابليوني فقال : [ أيها الإسرائيليين  ــ لقد قربت الساعة التي ينتهي فيها  أجل حالتكم التعسة .. إن الفرصة سانحة فحاذروا أن تفلت منكم ..] (209)

هذا وقد نقل لنا التاريخ أن الحاخام : موسى مردخاي : يوسف بنوحس : كان من أشد أنصار مشروع بونابرت ، ومن أقوى المجندين لغايته ومراميه ، ومن المحقق إعادة بني إسرائيل الى فلسطين طفقت تزداد سعيرا في ذهن نابليون ، وكانت شغلا شاغلا له .. وقد كان يلوح ان هذا الحل ممكنا  إذا نجح ولو قليلا ، سيعمل على تغيير مجرى الأمور في الشرق ، ولم تكن حملة مصر إلا لبلوغ هذه الغاية ..] (210)

[ وقد عبر جيمس بيشنو  عام 1800  في كتابه : بعث اليهود أزمة كل الأمم : ينادي ببعث اليهود [ عن أمله في أن تكون فرنسا هي الأداة التي تستخدمها العناية الإلهية لتحقيق هذه العودة الكبرى الى فلسطين  ــ خاصة وان مبادرة نابليون بونابرت لجمع المجلس الأعلى لليهود القدماء بغية تحويلهم إلى أداة سياسية قد انتهت بالفشل !! لكن هذه الأفكار التي تدعوا إلى أمة يهودية..” قد أخذت تشق طريقها وتستأثر بالاهتمام . ] (211)

[ لقد كان الوعد «البلفوري» النابليوني مقدمة لمجموعة من الوعود المتتالية التي نجد مثيلاتها في وعود مقدمة من القيصر الألماني وكذلك من قبل أحد وزراء حكومة القيصر الروسي وصولاً إلى بلفور البريطاني]

(212)

و في السياق : [  فقد نشر نابليون خطابا موجها الى يهود فرنسا  في عام 1798 من قبل أحدهم اقترح إنشاء مجلس يهودي من قبل كل  يهود العالم يسعى لدى الحكومة الفرنسية  من أجل في فلسطين الى شعبها التقليدي ــ يقصد اليهود !! ــ  ويتوفر لدينا في هذا المقام دليل غير موثوق على أن نابليون قد لعب دورا بعينه ــ في هذا المشروع الصهيوني ــ فلقد  ظهرت في الثاني والعشرين من أيار لعام 1799 رسالة في المونيتور : وهي الجريدة الرسمية للحكومة الفرنسية التي كانت قائمة آنذاك  مؤرخة في القسطنطينية  تجري سطورها على هذا النحو…[ لقد أمرنا نابليون بإصدار منشور يدعو فيه جميع يهود آسيا وأفريقيا الى الانضمام الى بيارقه من أجل إعادة بناء مدينة القدس القديمة ] (213)

و ..[إن ملفات وزارة الحربية الفرنسية ووثائق الحملة الفرنسية على مصر والرؤية الإستراتيجية الخطيرة لنابليون بونابرت ويهود فرنسا- حينما كان العالم ينتقل من القرن الثامن عشر إلى القرن التاسع عشر- تدلل صفحاتها على الدور الاستعماري- اليهودي لحملة بونابرت على مصر وبلاد الشام.‏

وورقة نابليون لليهود هي وثيقة إدانة تاريخية لنابليون وحملته الاستعمارية والتي سبقت ـ تشكيل اللوبي اليهودي في فرنسا ـ  بعشرات السنين وسبقت وعد كامبو في مايو من عام 1917م وهي في السياق التاريخي السياسي شكلت بالنسبة للوكالة اليهودية العالمية نقطة ارتكاز للاستناد والاعتماد عليها وعلى وثائق فرنسية- وبريطانية خطيرة تدّعي دفاع نابليون عن مقدسات مزعومة لليهود والمسيحية في مصر وسوريا والباب العالي ]  (214) [والوعود البلفورية هي مجموعة من التصريحات التي أصدرها بعض رجال ‏السياسة في الغرب ،و تعبر عن هذا المنحى وجوهرها هو الدعوة لإقامة وطن ‏قومي لليهود في فلسطين ، ونقل يهود العالم الغربي إليها ، مما يعني تخليص أوروبا ‏ منهم ، وأن لليهود حقوقاً مطلقة في فلسطين ، بينما لا توجد أية حقوق لسكانها ‏الأصليين . وكانت هذه التصريحات تهدف إلى أن يكون نقل اليهود هو مقدمة ‏لتأسيس دولة يقوم الغرب بتمويلها ودعمها اقتصادياً وعسكرياً ، على أن تكون ‏وظيفتها هي خدمة مصالح الدولة الغربية التي تقدم الدعم ، ومن ثم فإن الدولة ‏الصهيونية هي دولة وظيفية. وهذه هي العناصر الأساسية في كل الوعود البلفورية ‏التي تدعم هذه الدولة وتضمن بقاءها واستمرارها .

وليس من قبيل الصدفة أن أول غاز ‏للشرق في العصر الحديث ، وهو نابليون بونابرت ، كان أيضاً أول من أصدر وعداً ‏بلفورياً ، يتضمن معظم العناصر التي يتضمنها وعد بلفور، والوعود الأخرى . كما ‏صدر وعد بلفوري ألماني في سبتمبر 1898 ، وكان عبارة عن خطاب من دوق ‏إيلونبرج باسم حكومة القيصر إلى هيرتزل جاء فيه أن القيصر ” على استعداد أن ‏يأخذ على عاتقه مسئولية محمية [يهودية] في حالة تأسيسها “. ومن الأمثلة الأخرى ‏على الوعود البلفورية ، الوعد البلفوري الروسي القيصري . فقد قام [هيرتزل ] ، بتفويض من المؤتمر ‏الصهيوني الخامس (1901)، بمقابلة فون بليفيه ، وزير الداخلية الروسي المعادي ‏لليهود، حتى يَحصُل على تصريح يعبِّر عن نوايا الروس يتلوه في المؤتمر ‏الصهيوني السادس المزمع عقده سنة 1903 . وبالفعل ، صَدَر الوعد البلفوري ‏القيصري في شكل رسالة وجهها بليفيه إلى هيرتزل ، وجاء فيها :

[ ما دامت الصهيونية تحاول تأسيس دولة ‏مستقلة في فلسطين ، وتنظيم هجرة اليهود الروس ، فمن المؤكد أن تظل الحكومة ‏الروسية تحبذ ذلك . وتستطيع الصهيونية أن تعتمد على تأييد معنوي ومادي من ‏روسيا إذا ساعدت الإجراءات العملية التي يفكر فيها على تخفيف عدد اليهود في ‏روسيا ] .

ويمكن القول إن الغرب لا يزال ملتزما ‏بوعوده البلفورية ولا يزال يؤكدها ، ففي المؤتمر الصحفي الذي عُقد في واشنطن ‏يوم 14 أبريل ـ نيسان 2004 ، كشف شارون وبوش عن رسائل متبادلة بينهما قبل ‏وصول شارون إلى البيت الأبيض تضمنت تقديم وعود وضمانات أمريكية لتنفيذ ‏خطة شارون بالانسحاب من قطاع غزة. من بينها ضرورة تخلي اللاجئين ‏الفلسطينيين عن حق العودة إلى أراضي عام 1948 ، ] (215)

إن جملة الوعود الاستعمارية لليهود وآخرها وعد بالفور المشئوم ، كان بونابرت هو القوة الدافعة والمؤسسة لهذا المخاض الدموي الماشيحاني وهو الذي يحمل عار التاريخ في قضية فلسطين وعلى الشعب الفرنسي الذي زج به في حروب لاتخدم سوى شذاذ الآفاق في الأرض وأهل العداوة التاريخيين لأمة المسلمين ..

[ إن ملفات وزارة الحربية الفرنسية ووثائق الحملة الفرنسية على مصر والرؤية الإستراتيجية الخطيرة لنابليون بونابرت ويهود فرنسا – حينما كان العالم ينتقل من القرن الثامن عشر إلى القرن التاسع عشر- تدلل صفحاتها على الدور الاستعماري – اليهودي لحملة بونابرت على مصر وبلاد الشام .‏ وورقة نابليون لليهود هي وثيقة إدانة تاريخية لنابليون وحملته الاستعمارية والتي سبقت تشكيل  [ اللوبي اليهودي في فرنسا ] بعشرات السنين وسبقت وعد كامبو في مايو من عام 1917م . وهي في السياق التاريخي السياسي شكلت بالنسبة للوكالة اليهودية العالمية نقطة ارتكاز للاستناد والاعتماد عليها وعلى وثائق فرنسية- وبريطانية خطيرة تدّعي دفاع نابليون عن مقدسات مزعومة لليهود والمسيحية في مصر وسوريا والباب العالي ] (216)

ان هذا التوجه اليهودي الصهيوني  لحملة بونابرت  تدفع بالقول : [ ان الحملة الفرنسية على مصر عام 1789 ، يتعين على القوى الثورية التقدمية دراستها من كل النواحي : فإن حملة عسكرية تأخذ طريقها الى الشرق مزودة بالأجهزة العلمية وبمطبعة عربية  وأخرى فرنسية ويرافقه عدد من العلماء الأخصائيين في شتى العلوم تدفعنا بالقول : هل هي حملة عسكرية؟ أم حملة علمية تجسسسية ] (217)

ــ صرح القس ــ بيلى جراهام ـ بأن نابليون عندما شاهد مجدو قال : [ إن هذا المكان سيكون مسرحا لأعظم معركة في العالم وهي معركة هرمجدون ]

وتصريح نابليون عن هذه المعركة يؤكد أن قادة الغرب يهتمون بها منذ1 بعيد ، وأنهم يقرؤون كتبهم المقدسة جيدا ،]

ــ أحمد حجازي السقا : عودة المسيح المنتظر ص70

وللرد على التساؤل العلمي المفترض تكون الإجابة في الحملة التترية البوشوية على العراق والمنطقة كما عشيقة الشاروني في اجتياح لبنان عام 1982 وقبلها الاجتياح النابليوني الصومائيلى الى الأرض المقدسة !!

وفي تبيان حقيقة العقيدة الهرمجدونية المفسدة في الأرض :

.. يقول رئيس وزراء إسرائيل الليكودي الماشياحي إسحاق شامير: في حقده على النبي صلى الله عليه وآله وأمته : [ قد يحاول البعض خداعنا وقد يقول أحدهم لنخدع الإسرائيليين كما فعل محمد ــ نعم ــ أنهم دائما يفكرون بتلك الأمثلة حين استخدم محمد جميع أنواع الخدع للقضاء على خصومه في مكة وخيبر وكل مكان إنهم دائما يلجئون لتلك الأمثلة من إستراتيجيات محمد وتهبلاته ] .
ويقولون في سفر حاز وحار:
يا أبناء إسرائيل اعلموا أننا لن نفي محمدا حقه من العقوبة التي يستحقها حتى لو سلقناه في قدر طافح بالأقذار وألقينا عظامه النخرة إلى الكلاب المسعورة لتعود كما كانت نفايات كلاب لأنه أهاننا وأرغم خيرة أبنائنا وأنصارنا على اعتناق بدعته الكاذبة وقضى على أعز آمالنا في الوجود لذا يجب عليكم أن تلعنوه في صلواتكم المباركة أيام السبت وليكن مقره في جهنم وبئس المصير ]
واسمعوا يا سادة وتنبهوا يقول القاضي الصهيوني فريدرك رذرفورد : [يجب تدمير السلطات الدينية في الدول العربية والإسلامية بتعليم وتدريب نخبة مختارة من الشباب المتفوق كيفية الفصل بين الدين وشؤون الحياة إن المسيحية الشائعة مسيحية زائفة مشوهة وهشة وقد سيطرنا عليها أما الأصولية الإسلامية فهي الظلام القادم أمام سيادتكم أيها اليهود ،  لذلك أيها السادة فقد صنعوا من أبناء جلدتنا ما صنعوا وسيطروا على أمتنا بكل الطرق والوسائل فبالوسائل العسكرية تارة وبالوسائل غير العسكرية تارة أخرى ولقد أشرنا من قبل للدور الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت والذي جاء حاملا العناية الإلهية ــ هو أيضا ــ بعد أن جاءته رؤيا من الرب مثله مثل بابا روما الصهيوني الذي قاد الحروب الصليبية والحرب المقدسة والعدالة المطلقة بعد أن قرأ العظات الإنجيلية من الإله يهوه !! ولا ننسى أن الحملة من فرنسا إلى مصر تحركت بعد تلقى نابليون عن طريق بول بارا باس ، عضو حكومة الإدارة في باريس من صديقه توماس كوريت ، ” الرأسمالي اليهودي الايرلندي ” رسالة ينصحه فيها بالاستفادة من اليهود الذين وصفهم بأنهم : يقدمون لكم عنصرا يمكن الاعتماد عليه في الشرق كما نصحه اليهودي بأن يدك معاقل المسلمين في مصر وبقدر قوته وصلفه وجبروته ستفتح له الأبواب وقال له إن في مصر قلاع حصينة لا تحتاج إلا الخيول المدربة والقلوب لا تعرف الهوادة .
ووضع الاقتراح أمام نابليون الذي التقى شخصيات يهودية ــ واستمع إلى نصائح الحاخامات ـــ وما لبثت أن أصدرت بعد اللقاء بيانا تدعو فيه إلى إقامة مجلس ينتخبه اليهود في خمسة عشر بلدا ليقرر ما يجب عمله . وإبلاغ ذلك إلى الحكومة الفرنسية . كما دعت إلى إقامة وطن يهودي بالاتفاق في فرنسا ، في إقليم الوجه البحري من مصر ! مع حفظ منطقة واسعة المدى ليمتد خطها من مدينة عكا إلى البحر الميت ومنه إلى البحر الأحمر ]  (218)
[ والوعود البلفورية هي مجموعة من التصريحات التي أصدرها بعض رجال ‏السياسة في الغرب، التي تعبر عن هذا المنحى وجوهرها هو الدعوة لإقامة وطن ‏قومي لليهود في فلسطين، ونقل يهود العالم الغربي إليها ، مما يعني تخليص أوروبا ‏ منهم ، وأن لليهود حقوقاً مطلقة في فلسطين ، بينما لا توجد أية حقوق لسكانها ‏الأصليين . وكانت هذه التصريحات تهدف إلى أن يكون نقل اليهود هو مقدمة ‏لتأسيس دولة يقوم الغرب بتمويلها ودعمها اقتصادياً وعسكريا ً، على أن تكون ‏وظيفتها هي خدمة مصالح الدولة الغربية التي تقدم الدعم، ومن ثم فإن الدولة ‏الصهيونية هي دولة وظيفية . وهذه هي العناصر الأساسية في كل الوعود البلفورية ‏التي تدعم هذه الدولة وتضمن بقاءها واستمرارها.  وليس من قبيل الصدفة أن أول غاز ‏للشرق في العصر الحديث ، وهو نابليون بونابرت، كان أيضاً أول من أصدر وعداً ‏بلفورياً ، يتضمن معظم العناصر التي يتضمنها وعد بلفور، والوعود الأخرى . كما ‏صدر وعد بلفوري ألماني في سبتمبر 1898، وكان عبارة عن خطاب من دوق ‏إيلونبرج باسم حكومة القيصر إلى هيرتزل جاء فيه أن القيصر “على استعداد أن ‏يأخذ على عاتقه مسئولية محمية [يهودية] في حالة تأسيسها “. ومن الأمثلة الأخرى ‏على الوعود البلفورية ، الوعد البلفوري الروسي القيصري. فقد قام  هيرتزل ، بتفويض من المؤتمر ‏الصهيوني الخامس (1901)، بمقابلة فون بليفيه ، وزير الداخلية الروسي المعادي ‏لليهود ، حتى يَحصُل على تصريح يعبِّر عن نوايا الروس يتلوه في المؤتمر ‏الصهيوني السادس المزمع عقده سنة 1903. وبالفعل ، صَدَر الوعد البلفوري ‏القيصري في شكل رسالة وجهها بليفيه إلى هيرتزل ، وجاء فيها  :

[ ما دامت الصهيونية تحاول تأسيس دولة ‏مستقلة في فلسطين ، وتنظيم هجرة اليهود الروس ، فمن المؤكد أن تظل الحكومة ‏الروسية تحبذ ذلك . وتستطيع الصهيونية أن تعتمد على تأييد معنوي ومادي من ‏روسيا إذا ساعدت الإجراءات العملية التي يفكر فيها على تخفيف عدد اليهود في ‏روسيا  ]  .

ويمكن القول إن الغرب لا يزال ملتزما ‏بوعوده البلفورية ولا يزال يؤكدها ، ففي المؤتمر الصحفي الذي عُقد في واشنطن ‏يوم 14 أبريل/ نيسان  2004 ، كشف شارون وبوش عن رسائل متبادلة بينهما قبل ‏وصول شارون إلى البيت الأبيض تضمنت تقديم وعود وضمانات أمريكية لتنفيذ ‏خطة شارون بالانسحاب من قطاع غزة. من بينها ضرورة تخلي اللاجئين ‏الفلسطينيين عن حق العودة إلى أراضي عام 1948، وأن لإسرائيل الحق في ‏الاحتفاظ ببعض ” المستوطنات” ـ المستعمرات ــ في الضفة الغربية ، وأنه من غير ‏الواقعي توقع اتفاق سلام نهائي بانسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل 5 ‏يونيو/حزيران 1967 ، على اعتبار أن هذه الحدود ليست مقدسة ومن ثم يمكن ‏تجاوزها ، وأن الفلسطينيين ]  . (219)

وفي السياق البونابرتي الماشيحاني  يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري وهو باحث ومفكر مصري جدير ..

[ واستمر نابليون في نفس الإتجاه ، فأصدر بعد ذلك قراراته الخاصة  بتنظيم علاقة اليهود بالدولة الفرنسية . ففي عام 1808 أصدر مرسومين تم بمقتضى الأول إقامة لجان من الحاخامات والرجال العاديين للإشراف على الشئون اليهودية  تحت إشراف مجلس كنسي مركزي / وكان من مهام هذا المجلس أن ترعى معابد اليهود وغيرها من المؤسسات  الدينية  ، وتنفذ قوانين التجنيد وتشجع اليهود على تغيير المهن التي يشتغلون بها . أما المرسوم الثاني فقد اعترف باليهودية دينا  ، كما ألغى ــ أو أنقص أو أجل ــ الديون اليهودية المستحقة للمرابين  ، وأصبح الحاخامات مندوبين للدولة مهمتهم تعليم أعضاء الجماعات اليهودية تعاليم دينهم وتلقينهم الولاء للدولة وأن الخدمة العسكرية واجب مقدس ، وكان على الحاخامية توجيه أعضاء الجماعات اليهودية الى الوظائف النافعة ، وقد اعترفت الحكومة الفرنسية باليهود بوصفهم أقلية ، وأصبح لهم كيان رسمي للدولة .

فحصلوا على حقوقهم ومنحوا شرف الجندية  ولم يعد يسمح لهم بدفع بدل نقدي ، وشجعوا على الإشغال  بالزراعة . وحرّّّّم نابليون على اليهود الأشكناز للاشتغال بالتجارة .. وراح أخيرا يتباهى بأن الثورة الفرنسية ثورة يهودية ماسو نية ] . (220)

وهكذا تحول بونابرت كجنرال صهيوني متشحا بلباس المسيح اليهودي  الكذاب  ومهندسا لمشاريع الاستيطان العبراني المبكر ووكيلا مؤسسا للمذابح في شوارع فلسطين !! فقد كان له حق السبق لكل المشاريع الماشيحانية .. وهاهي الوكالة البونابرتية تتحول لطبيعة هرمجدونية وبرنامج توسعي الشارونية العاشقة البوشوية !! و.. هكذا كان نابليون ماسو نيا صهيونيا كشف عن منهجيته التوراتية لمجرد وصوله الى فلسطين ، قادما بتمويل آل روتشيلد الربويين الماسون ورجال الحكومة الخفية .. ولم يخف نابليون ورجاله المرافقين له في الحملة والذين كرسوا جهودهم لرسم الخارطة التوسعية للمنطقة بحيث يضع الأصوليون التوراتيون في الغرب مواقع أقدامهم في المنطقة بهدف تركعيها وتجزئتها  في منهاجيه هرمجدونية وأساطيرية كشفت عنها قرائتنا ، وحسب المصادر .. [ كان نابليون أول من اجتذبته فكرة فلسطين ، فبعد شروعه في غزو فلسطين عام 1799 وجه نداء الى جميع اليهود في العالم يستحثهم فيه على الانضمام تحت لواءه والانضمام تحت رايته لإعادة [ مجد إسرائيل الضائع في القدس ] على حد تعبيره ، ويصفهم بأنهم الورثة الشرعيين  لفلسطين ]  [ ويعتقد أن نابليون قد تأثر بما كتبه بعض الكتاب الفرنسيين مثل ــ البرنس دي لينيه ــ الى امبراطورية النمسا جوزيف الثاني  سنة 1979 ، حيث أشار الى وجوب إصلاح شأن اليهود وإعادتهم الى ملك يهوذا ..] (221)   [ أما أبرز المشاريع في نهاية القرن الثامن عشر فتمثل في دعوة – مشروع نابليون بونابرت اليهود للالتحاق بجيشه والمحاربة من أجل إقامة دولة لهم في فلسطين برعاية وحماية فرنسيتين . وتعد هذه أهم المشاريع التي عرضتها الصهيونية الأوروبية غير اليهودية قبل صدور وعد بلفور عام 1917 . إذ كان بونابرت , كما تقول ريجينا الشريف [ أول رجل دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين قبل وعد بلفور بـ 118 سنة  ] . ولعل طبيعة شخصية نابليون وطموحه الإمبراطوري التوسعي , خصوصاً في المشرق العربي هي التي لعبت الدور الحاسم في استعجال فرنسا بلورة الفكرة الصهيونية في مشروع دولة لليهود في فلسطين.

فشل نابليون أمام أسوار عكا عندما عجز عن اقتحامها , ومن ثم فشلت حملته كلها على مصر واضطرت قواته إلى مغادرتها بعد ثلاث سنوات فقط من غزوها بعد ان اضطر هو إلى الهرب منها والعودة إلى فرنسا وقد تحطمت آماله في إمبراطورية فرنسية في الشرق تأخذ على عاتقها إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين لتكون مرتكزاً وقاعدة لهذه الإمبراطورية. والأهم من ذلك ان يهود أوروبا , كما يهود الشرق, لم يبدوا اهتماماً كبيراً بدعوات أو نداءات نابليون الصهيونية , ربما لأن الصهيونية لم تكن قد تبلورت بعد كفكرة وليس فقط كمشروع سياسي بين اليهود أنفسهم , ولم تكن قد تبلورت بينهم فكرة إنهم شعب أو أمة ذات حقوق سياسية , فالظروف الذاتية لكل من فرنسا واليهود ومعها الظروف الموضوعية العربية والدولية أسهمت في فشل حملة نابليون وحالت دون تحقيق أهدافها الفرنسية أولاً واليهودية تالياً. ] (222)

والحركة الصهيونية المعاصرة وهي ما تسمى بالموسيديت ، إنما هي تأكيد لوجهة نابليون وختم سوداوي لرسالته غير المقدسة .. والذي يدور اليوم في العراق وفلسطين من مجازر دموية فهي خير تفصيل لحقيقة أساطير الماشيحانيين الجدد وفلسفة الهرمجدون المزيفة  ..

70 ــ نشأة الحركة المسيحية الصهيونية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ تقول الكاتبة غريس هالسيل : أواخر أغسطس 1985م سافرت من واشنطن إلى سويسرا ، لحضور المؤتمر المسيحي الصهيوني الأول في بازل ، برعاية السفارة المسيحية العالمية في القدس ، لأتعرّف على خلفية الصهيونية السياسية … في أحد مقررات المؤتمر حثّ المسيحيون إسرائيل على ضمّ الضفة الغربية ، بسكانها المليون فلسطيني ، فاعترض يهودي إسرائيلي : بأن ثلث الإسرائيليين يُفضلون مقايضة الأراضي المحتلة بالسلام مع الفلسطينيين … فردّ عليه مقرر المؤتمر : إننا لا نهتم بما يُصوّت عليه الإسرائيليون وإنما بما يقوله الله ، والله أعطى هذه الأرض لليهود . ــ يقصد الرب يهوه المسيح ـ وتقول : كان تقديري أنه من بين 36 ساعة … فإن المسيحيين الذين أشرفوا على المؤتمر ، خصصوا 1% من الوقت لرسالة المسيح وتعاليمه ، وأكثر من 99% من الوقت للسياسة . ولا يُوجد في الأمر ما يُثير الاستغراب ، ذلك أن المشرفين على المؤتمر ، برغم أنهم مسيحيون فهم أولا وقبل كل شيء صهاينة ، وبالتالي فإن اهتمامهم الأول هو الأهداف الصهيونية السياسية . وفي بحثها عن أصل الصهيونية السياسية ، الداعية إلى عودة اليهود إلى فلسطين ، تؤكد الكاتبة أن : [ تيودور هيرتزل ] لم يكن أصلا صاحب هذه الفكرة ، وإنما كان دُعاتها هم المسيحيون البروتستانت ــ ذوي الأغلبية في أمريكا وبريطانيا الآن ــ قبل ثلاث قرون من المؤتمر الصهيوني الأول . حيث ضمّ لوثر زعيم حركة الإصلاح الكنسي في القرن السادس عشر ، توراة اليهود إلى الكتاب المقدّس تحت اسم العهد القديم . فأصبح المسيحيون الأوربيون يُبدون اهتماما أكبر باليهود ، وبتغيير الاتجاه السائد المُعادي لهم في أوروبا . وتقول الكاتبة : توجه البروتستانت إلى العهد القديم ليس فقط لأنه أكثر الكتب شهرة ، ولكن لأنه المرجع الوحيد لمعرفة التاريخ العام . وبذلك قلّصوا تاريخ فلسطين ما قبل المسيحية إلى تلك المراحل التي تتضمّن فقط الوجود العبراني فيها . إن أعدادا ضخمة من المسيحيين وُضِعوا في إطار الاعتقاد ، أنه لم يحدث شيء في فلسطين القديمة ، سوى تلك الخرافات غير الموثقة من الروايات التاريخية المدوّنة في العهد القديم . وتقول : في منتصف عام 1600م بدأ البروتستانت بكتابة معاهدات ، تُعلن بأن على جميع اليهود مُغادرة أوروبا إلى فلسطين . حيث أعلن ــ أوليفر كرمويل ــ بصفته راعي الكومنولث البريطاني الذي أُنشئ حديثا ، أن الوجود اليهودي في فلسطين هو الذي سيُمهّد للمجيء الثاني للمسيح . ومن هناك في بريطانيا بدأت بذرة الدولة الصهيونية الحديثة في التخلّق . وفي خطاب لمندوب إسرائيل في الأمم المتحدّة : بنيامين نتنياهوعام 1985م – والذي أصبح فيما بعد رئيسا لإسرائيل – أمام المسيحيين الصهاينة ، قال : إن كتابات المسيحيين الصهاينة من الإنجليز والأمريكان أثّرت بصورة مُباشرة على تفكير قادة تاريخيين ، مثل : لويد جورج  و  آرثر بلفور و ودرو ويلسون  ، في مطلع هذا القرن … الذين لعبوا دورا أساسيا ، في إرساء القواعد السياسية والدولية لإحياء الدولة اليهودية . وتقول : لم يكن حلم هيرتزل روحانيا بل كان جغرافيا ، كان حُلما بالأرض والقوة ، وعلى ذلك فإن السياسة الصهيونية ضلّلت الكثير من اليهود … وقد ادّعى الصهاينة السياسيون أنه لم يكن هناك فلسطينيون يعيشون في فلسطين … ويقول موش مانوحين :  : أنه انتقل إلى الدولة اليهودية الجديدة ، على أمل أن يجد جنّة روحية ، ولكنّه اكتشف أن الصهاينة لا يعبدون الله ، ولكنهم يعبدون قوتهم . ] .

وتقول : لأن يهود أمريكا – مثل : آندي غرين – يعرفون أنه يمكنهم الاعتماد ، على دعم 40 مليون مسيحي إنجيلي أصولي ، فهم يُصادرون الأرض من الفلسطينيين بقوة السلاح . ويقول غرين الذي انتقل إلى إسرائيل عام 1975م ، ولا يزال يحتفظ بجواز سفره الأمريكي : ليس للعرب أي حق في الأرض إنها أرضنا على الإطلاق ، هكذا يقول الكتاب المقدّس إنه أمر لا نقاش فيه . من أجل ذلك لا أجد أي مُبرر للتحدّث مع العرب حول ادعاءاتهم المنافسة لنا ، إن الأقوى هو الذي يحصل على الأرض . ] المرجع : كتاب هالسل

71 ــ غاية إسرائيل من التحالف مع اليمين المسيحي في أمريكا :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يوضح ( ناتان بيرلمتر ) يهودي أمريكي ، من حركة : بناي برث – منظمة يهودية – في أمريكا ، أسباب تحالف يهود الولايات المتحدة مع الأصوليين المسيحيين ، بقوله : أن الأصوليين الإنجيليين يُفسّرون نصوص الكتاب المُقدّس بالقول : أن على جميع اليهود ، أن يؤمنوا بالمسيح أو أن يُقتلوا في معركة هرمجدون . ولكنه يقول في الوقت نفسه : نحن نحتاج إلى كل الأصدقاء لدعم إسرائيل … وعندما يأتي المسيح فسوف نفكر في خياراتنا آنذاك . أما الآن دعونا نُصلّي ونرسل الأسلحة . ]

وتقول الكاتبة : إن للقادة الأصوليين الإنجيليين اليوم قوة سياسية ضخمة . إن اليمين المسيحي الجديد هو النجم الصاعد في الحزب الجمهوري ، وتحصد إسرائيل مكاسب سياسية جمة داخل البيت الأبيض من خلال تحالفها معه . وتنقل الكاتبة للقول : إن [ مارفن ] – أحد زملائها في رحلة الحج – كغيره من اليمين المسيحي الجديد ، يشعر بالنشوة لأنه مع الحليف الرابح . وقد نقل إلي مرة المقطع 110 الذي يتحدّث عن يهوه وهو يسحق الرؤوس ، ويملأ الأرض بجثث غير المؤمنين ، والمقطع 137 الذي يُعرب فيه عن الرغبة من الانتقام ، من أطفال بابليين وإلقائهم فوق الصخور . ثم قال [ مارفن ] : وهكذا يتوجب على الإسرائيليين أن يُعاملوا العرب بهذه الطريقة . ورغم أن [ مارفن ] كان معجبا ومطلعا على نصوص التاريخ التوراتي ، إلا أنه كان جاهلا فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي . لأنه يعرف مسبقا كل ما يعتقد أن الله يريد منه أن يعرفه . وقال لي : إن على الأمريكيين أن يتعلموا من الإسرائيليين كيف يُحاربون . ويشارك ( مارفن ) كذلك هؤلاء بالاعتقاد بأننا نحن المسيحيين نؤخر وصول المسيح من خلال عدم مساعدة اليهود على مصادرة مزيد من الأرض من الفلسطينيين . وتخلُص الكاتبة إلى القول : بأن عدة ملايين من المسيحيين الأمريكيين ، يعتقدون أن القوانين الوضعية يجب ألا تُطبق على مصادرة اليهود واسترجاعهم لكل أرض فلسطين ، وإذا تسبّب ذلك في حرب عالمية نووية ثالثة فإنهم يعتقدون بأنهم تصرّفوا بمشيئة الله . وتذكر الكاتبة أن هناك قائمة بأسماء 250 منظمة إنجيلية أصولية موالية لإسرائيل ، من مختلف الأحجام والعمق في أمريكا ، ومعظم هذه المنظمات نشأت وترعرعت خلال السنوات الخمس الأخيرة ، أي منذ عام 1980م . وتقول الكاتبة في فصل مزج الدين بالسياسة : أن الإسرائيليون يُطالبون بفرض سيادتهم وحدهم ، على المدينة التي يُقدّسها مليار مسيحي ومليار مسلم ، وحوالي 14 مليون يهودي . وللدفاع عن ادّعائهم هذا فإن الإسرائيليين – ومعظمهم لا يؤمن بالله – يقولون : بأن الله أراد للعبرانيين أن يأخذوا القدس إلى الأبد . ومن أجل ترويج هذه الرسالة توجّه الإسرائيليون إلى [ مايك ايفنز ] اليهودي الأمريكي ، الذي قُدّم في أحد المعابد على أنه قسّ تنصّر ليساعد شعبه ، وأنه صديق لجورج بوش ويحتل مكانة مرموقة في الحزب الجمهوري ، ومن حديثه في هذا المعبد قوله : إن الله يريد من الأمريكيين ، نقل سفارتهم من تل أبيب إلى القدس ، لأن القدس هي عاصمة داود . ويحاول الشيطان أن يمنع اليهود ، من أن يكون لليهود حق اختيار عاصمتهم . إذا لم تعترفوا بالقدس ملكية يهودية ، فإننا سندفع ثمن ذلك من حياة أبنائنا وآبائنا  ، إن الله ، سيُبارك الذين يُباركون إسرائيل ، وسيلعن لاعنيها ] وفي نفس الإتجاه [نظمت مجموعة ممن يطلقون على أنفسهم اسم‏ [‏ المسيحيون الصهاينة‏ ]‏ مظاهرة حاشدة تضامناً مع إسرائيل  يوم الخميس ‏(6‏ مايو ‏2004)‏ خارج مبنى الكونجرس في العاصمة الأمريكية تم فيها عرض إحدى الحافلات الإسرائيلية التي دمرتها التفجيرات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة‏.‏ وقال بيان منظمة‏ [‏مسيحيون من أجل إسرائيل] :‏ إن أنشطة هذه المظاهرة تشمل إعلان يوم ‏6‏ من مايو يوماً قومياً للصلاة من أجل [ إسرائيل ] تستمر فيه المظاهرات والصلوات من الساعة الثانية عشرة ظهراً إلى الرابعة بعد الظهر‏.‏ وعقدت المظاهرات تحت عنوان : ‏ [الإرهاب‏ ,‏ تذكرة في اتجاه واحد‏ ],‏ وتم عرض إحدى الحافلات المحترقة التي قالوا إنها تم تفجيرها من قبل الفلسطينيين في إسرائيل ] ‏.‏ وقال منظموا المظاهرة إن الحافلة رقم ‏19‏ ستعرض أمام مبنى الكونجرس وستبقى هناك للعرض طوال شهر مايو ليشاهدها الجمهور الأمريكي الذي يقبل على هذه المنطقة السياحية بكثافة في شهور الصيف‏.‏ وقال المتظاهرون في بيان لهم‏:‏ نحن المسيحيون الصهاينة‏..‏ مهمتنا حث الدعم لدولة [إسرائيل ] والشعب اليهودي عن طريق الصلوات وعن طريق العمل الجاد وفق مشيئة وكلمة الرب‏..‏ إننا نريد أن يتفهم الآخرون قلب الرب وأغراضه من أجل اليهود وأن نحصل على الفهم الجديد للأصول اليهودية للعقيدة المسيحية‏ ]  (223)

[وقد لعبت القوى الصهيونية المسيحية دوراً رئيسياً في صياغة الأبعاد الأيديولوجية والتصورات الفلسفية والأخلاقية لقوى اليمين المحافظ‏,‏ كما أمدته بعناصر وكفاءات بشرية بارزة‏,‏ وساندته بمؤسساتها ومنظماتها المختلفة بحيث أضحى أبرز مفكري هذا اليمين المحافظ يعبرون عن جوهر المنطلقات الفكرية لتيار الصهيونية المسيحية‏,‏ وأخذوا يوظفون هذه المنطلقات في صياغة الفكر الاستراتيجي الحاكم في الولايات المتحدة‏,‏ كما يتجلى الآن في عهد الرئيس جورج بوش‏.‏ ]

[وتعتبر مؤلفات الكاتبة الأمريكية جريس هالسل وبالذات كتاب ‏: [‏النبوءة والسياسة‏ ‏] ثم كتاب‏ [يد الله ] ‏ترجمهما للعربية الأستاذ محمد السماك وصدرا من دار الشروق بالقاهرة‏ ،‏ ومن أبرز ما كتب عن هذا التيار الديني‏ -‏ السياسي المؤثر بقوة متصاعدة في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية وبالذات نحو الصراع العربي‏-‏ الإسرائيلي خاصة‏ ,‏ والوطن العربي بصفة عامة‏ .‏

لقد بين كتاب [ ‏النبوءة والسياسة‏ ]‏ أن الصهيونية أضحت بسبب تيار الصهيونية المسيحية‏ ,‏ صهيونيتين‏,‏ الأولى والأساسية صهيونية مسيحية ‏,‏ والثانية يهودية‏ .‏ ويأتي كتاب‏ [ يد الله‏ ]‏ ليبين أن اللاسامية أضحت‏,‏ وبفضل هذا التيار أيضاً‏ ,‏ لا ساميتين‏ ,‏ الأولى تكره اليهود وتريد التخلص منهم وإبعادهم بكل الوسائل الممكنة‏ [‏ لا سامية المجتمعات الأوروبية في النصف الأول من القرن العشرين‏ ] ,‏ والثانية تكره اليهود أيضاً بيد أنها تريد تجميعهم في مكان محدد هو فلسطين ‏,‏ ليكون هذا المكان مهبط المسيح في مجيئه الثاني المنتظر ‏[‏لا سامية أمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين وما بعده‏ ]‏ وفكر هذه اللاسامية يجئ امتداداً للفكر الذي أرسته بعض الحركات الدينية المسيحية وبالذات‏ ــ ‏الحركات الألفية‏ ــ‏ التي تؤمن بأن السيد المسيح سيعود ليحكم العالم مدة ألف سنة‏ ,‏ وربطت بين هذه العودة ووقوع بعض الأحداث الرمزية من أهمها عودة اليهود إلى فلسطين وقيام دولة ـ إسرائيل ـ وإعادة بناء الهيكل ثم ظهور المسيخ الدجال ‏,‏ وتفجر مجموعة من الصراعات الدموية تتوج بالمعركة الشهيرة المعروفة بمعركة‏ هرمجدون‏ [ قرية مذكورة في الرؤيا وتقع شمال القدس‏ ]‏ حيث تقع معركة بين ما يسمى بـ‏ [‏الحق والباطل ] ,‏ وعند اقتراب إفناء العالم يظهر السيد المسيح‏ .‏ ولقد خطف تيار الصهيونية المسيحية هذه المعتقدات بالربط بين الانتصار الساحق لإسرائيل وعودة السيد المسيح ونشأة تيار مسيحي يزداد قوة يربط بين شدة الولاء والدعم لإسرائيل وبين تعجيل عودة السيد المسيح‏.‏ ]

[ومن القيادات الصهيونية المسيحية البارزة الأخرى‏,‏ القس بات روبرت سون ‏,‏ الذي يعود بأصوله إلى أسرة هاريسون الذي وقع إعلان استقلال أمريكا‏ ,‏ وكان والده عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي لمدة ‏34‏ عاما‏ً,‏ وأعلن بات روبرت سون ترشحه للرئاسة الأمريكية عام ‏1988.‏ ويقف روبرت سون على رأس منظمة متشعبة الأغراض والوسائل ولها جذور شعبية وتأثير واسع المدى‏,‏ وتعتبر شبكته الإعلامية المسماة‏ [‏ شبكة الإذاعة المسيحية‏ ـCBN ]‏ من بين المحطات الأكثر حداثة وحذقاً ونشاطا‏ً,‏ واحتلت الموقع الرابع بعد شبكات التلفزة الرئيسية الثلاث في الولايات المتحدة الأمريكية ‏,‏ وتصل إلى أكثر من‏30‏ مليون منزل‏.‏ وتملك مؤسسة روبرت سون جامعة معتمدة منذ عام ‏1977‏ تصدر نشرة إخبارية تضم أكثر من ربع مليون مشترك‏ ,‏ وقد اعتاد أن يقول فيها : إن ـ إسرائيل ــ هي أمة الله المفضلة ويؤيد احتلالها للأراضي العربية ويعتبر العرب في برامجه المتلفزة أعداء الله ‏.‏] (224)

[ ونتيجة لهذه المعتقدات ظهر الكثير من الحركات الدينية المسيحية الإنجيلية الأصولية في بريطانيا والولايات المتحدة ، وأهم وأخطر هذه الحركات هي ( الحركة التدبيرية ) ، التي نشأت في الولايات المتحدة بعد قيام دولة إسرائيل . وتضمّ في عضويتها أكثر من أربعين مليون أمريكي ، لحظة تأليف هذا الكتاب في أواسط الثمانينيات ، ومن بين أعضائها الرئيس الأمريكي آنذاك [ رونالد ريغان ] وهي تسيطر على قطاع واسع من المنابر الإعلامية الأمريكية ، وتمتلك محطات تلفزة خاصة بها ، ويشارك قادتها كبار المسؤولين في البيت الأبيض ، ومجلس الأمن القومي الأمريكي ، ووزارة الخارجية بصناعة القرارات السياسية والعسكرية ، المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي .  وتعتقد هذه الحركة أنّ الله قد وضع في الكتاب المقدس نبوءات واضحة  ، حول كيفية تدبيره لشؤون الكون ونهايته : المصدر السابق  ]

هذا وتحصر هذه الحركة أهدافها في خلق قاعدة فاشية هرمجدونية تعتمد كما بينا على تكريس إسرائيل كحقيقة لاهوتية ودعمها بإتجاه إحداث محرقة في العالم الإسلامي هي في وجهتهم الهرمجدون الحتمية والتي لا نرى لها سند حقيقي بسبب تزييف حقائق التوراة على يد حاخامات السبي وعملاء ملوك إسرائيل والتوحد معهم في العداء ضد الدين والأنبياء عليهم السلام !! بزيف أساطير ظهور المسيح في الألفية وهؤلاء التدبيريون التدمير ون هم الذين يقفون اليوم ونحن في نهاية الزمان خلف كل نكبة ومجزرة ينتقم بهم الماشياح الخائن لله والتاريخ والإنسان ، يتقدمهم نحو النشوء والارتقاء بمملكة  الزيف الشيطانية ،و كانت العراق بعد فلسطين ولبنان هي المدخل المركزي للصراع المفتوح بين شياطين قادة الهرمجدون وجماهير الأمة الذين يتعرضون الى عملية تهجير من أوطانهم بعد نفاذ خارطة التطبيع مع دولة الماشيح المزيف في إسرائيل من أهدافها !! وذلك تحت نير التهديد الماشيحاني البوشوي بقيام حرب نووية ، ودفع الأمة نحو الرعب للهجرة من أوطانها ولذلك يضع الغريب وجيوشه كل إمكانياتهم العدم هزيمة الهرمجدوني بوش وخروجه مهزوما من العراق كما  أداته الماشيحانية اللقيطة إسرائيل !! وفي مبحثا تفصيل في الموضوع  .

و ..  تؤكد الكاتبة الأمريكية ( غريس هالسل ) أن بذور هذه المُعتقدات المُدمّرة ، نشأت في نهاية القرن التاسع عشر . وكان رائد هذا الاتجاه في تفسير الكتاب المُقدّس هو ( سايروس سكوفيلد ) ، وقد طُبع أول مرجع إنجيلي له عام 1909م ، زرع فيه آراءه الشخصية في الإنجيل ، وصار أكثر الكتب المتداولة حول المسيحية . وبدأت هذه المُعتقدات في الظهور وتعزّزت ، عندما تتابعت انتصارات إسرائيل على دول الجوار العربية ـ النظام العربي الرجعي ـ وبلغت ذروتها بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان .

وتقول الكاتبة : وفي إحدى المناسبات كان [ سكوفيلد ] يذكّر مُستمعيه بأنه : عام بعد عام كان يُردّد التحذير بأن عالمنا ، سيصل إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية . ولكنه يقول أيضا : أن المسيحيين المُخلّصين يجب أن يُرحّبوا بهذه الحادثة ، لأنه مُجرّد ما أن تبدأ المعركة النهائية ، فإن المسيح سوف يرفعهم فوق السحاب وسيُنقذون ، وأنهم لن يُواجهوا شيئا من المعاناة التي تجري تحتهم .ـ ونحن نقول أن الدجال سيقذفهم نحو عمق الهاوية كما في الإنجيل ــ وتقول : بالرغم من أن بعض الأصوليين لم يتقبّلوا هذه الفكرة ، إلا أنها تسبّبت في انقسام كبير . فهناك مؤشر إلى أن أعداد المسيحيين الذين يتعلّقون بنظرية [هرمجدون] في تزايد مُضطرد ، فهُم مثل سكوفيلد يعتقدون أن المسيح وعد المسيحيين المُخلّصين بسماء جديدة وأرض جديدة ، وبما أن الأمر كذلك ، فليس عليهم أن يقلقوا حول مصير الأرض ، فليذهب العالم كلّه إلى الجحيم ، ليُحقّق المسيح للقلّة المُختارة سماءً وأرضا جديدتين . إن استقصاء عام 1984م ، الذي أجرته مؤسسة [ باتكيلو فيتش ] أظهر أن 39 بالمائة من الشعب الأمريكي ، يقولون ، أنه عندما يتحدّث عن تدمير الأرض بالنار ، فإن ذلك يعني ، أننا نحن أنفسنا سوف نُدمّر الأرض ب ـ هرمجدون ـ نووية . وأظهرت دراسة لمؤسسة ـ نلسن ـ نُشرت في أُكتوبر 1985م  ، أن 61 مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلى مُبشّرين ، يقولون أننا لا نستطيع أن نفعل شيئا ، لمنع حرب نووية تتفجر في حياتنا .

ـ ومن أكثر الأصوليين الإنجيليين شهرة ، من الذين يُبشرون على شاشة التلفزيون بنظرية [هرمجدون ] :

1. بات روبرتسون : يملك شبكة تلفزيونية مسيحية ، مكونة من ثلاث محطات ، عائداته السنوية تصل إلى 200 مليون دولار ، ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الأوسط في جنوب لبنان ، يشاهد برامجه أكثر من 16 مليون عائلة أمريكية .

2. جيمي سوا غرت : يملك ثاني أكبر المحطات الإنجيلية شهرة ، يُشاهد برامجه ما مجموعه 9,25 مليون منزل .

3. جيم بيكر : يملك ثالث أشهر محطة تبشيرية ، عائداته السنوية تصل إلى 50ــ 100 مليون دولار ، يُشاهد برامجه حوالي 6 ملايين منزل ، يعتقد أن علينا أن نخوض حربا رهيبة ، لفتح الطريق أمام المجيء الثاني للمسيح .

4. أورال روبرتس : تصل برامجه التلفزيونية إلى 5,77 مليون منزل .

5. جيري فولويل : تصل دروسه التبشيرية إلى 5,6 مليون منزل ، يملك محطة الحرية للبث بالكابل ، أقام بعد شرائها بأسبوع ، حفل عشاء على شرف جورج بوش نائب الرئيس ريغان آنذاك . وقد أخبر فولويل يومها بأن جورج بوش ، سيكون أفضل رئيس في عام 1988م .

6. كينين كوبلاند : يُشاهد برامجه 4,9 مليون منزل . يقول : [ أن الله أقام إسرائيل . إنّنا نُشاهد الله يتحرك من أجل إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نبدأ في دعم حكومتنا ، طالما أنّها تدعم إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نُشعر الله ، مدى تقديرنا لجذور إبراهيم . ]

7. ريتشارد دي هان : يصل في برنامجه إلى 4,75 مليون منزل .

8. ريكس همبرد : يصل إلى 3,7 مليون منزل ، وهو يُبشّر بتعاليم سكوفيلد التي تقول : أن الله كان يعرف منذ البداية الأولى ، أننا نحن الذين نعيش اليوم ، سوف نُدمّر الكرة الأرضية .

وتعقّب الكاتبة بقولها : لقد ذكرت ثمانية من الذين يٌقدّمون البرامج الدينية ، ويُبشّرون بنظرية هرمجدون نووية في الإذاعة والتلفزيون ، ومن بين 4 آلاف أصولي إنجيلي ، … هناك 3 آلاف من التدبيريين ، يعتقدون أن كارثة نووية فقط ، يمكن أن تُعيد المسيح إلى الأرض . إن هذه الرسالة تُبث عبر 1400 محطة دينية في أمريكا . ومن بين ألف قسّيس إنجيلي يذيعون يوميا برامج من خلال 400 محطة راديو ، فإن الأكثرية الساحقة منهم من التدبيريين . وتقول : أن بعض هؤلاء القساوسة ورؤساء الكنائس ، هم من القوة بحيث يظهرون كالملوك في مناطقهم . والرسالة التي يُرسلها هؤلاء على الدوام هي : لن يكون هناك سلام حتى يعود المسيح ، وأن أي تبشير بالسلام قبل هذه العودة هو هرطقة ــ تخريف وكفر ـ إنه ضد كلمة الله ـ ضد ما جاء في الكُتب المقدسة ـ إنه ضد المسيح . وهذا ما يقوله أيضا

[ جيم روبرت سون ] التلفزيوني الإنجيلي الذي دعاه الرئيس [ ريغان ] لإلقاء صلاة افتتاح المؤتمر الحزب الجمهوري عام 1984م .

كتاب : آخر أعظم كرة أرضية ومؤلفه : هال لندسي  :

تقول الكاتبة [ هالسل ]أن هذا الكتاب ، أصبح الأكثر مبيعا خلال السبعينات ، حيث بيع منه حوالي 18 مليون نسخة ، وفي تعليقها على هذا الكتاب ومؤلفه ، تقول أن المؤلف يفسّر كل التاريخ ، قائلا أن دولة إسرائيل هي الخط التاريخي لمعظم أحداث الحاضر والمستقبل .

[ ومن ذلك يأتي تقديس النصارى الأمريكان لإسرائيل ، ولاحظ أن هذا الكتاب قرأه ما لا يقل عن 18 مليون أمريكي عند صدوره ، أما الآن فربما قد قرأه معظم الشعب الأمريكي ، وخطورة هذا الكتاب تنبع من كون الأفكار والمعتقدات التي أوردها المؤلف منسوبة إلى الله ، كما أوضح في كتابه المقدّس لديهم  ] .

ويقول لندسي : أن الجيل الذي وُلد عام 1948م ، سوف يشهد العودة الثانية للمسيح . ولكن قبل هذا الحدث ، علينا أن نخوض حربين ، الأولى ضد يأجوج ومأجوج [ أي الروس ] ، والثانية في هرمجدون . والمأساة ستبدأ هكذا : كل العرب بالتحالف مع السوفييت ( الروس ) ، سوف يُهاجمون إسرائيل .

ـ وهذا تحذير وتحريض للغرب النصراني ، لمعاداة العرب المسلمين والروس الشيوعيين : ـ المصدر ـ

وتقول الكاتبة بعد مقابلتها للمؤلف : أن لندسي لا يبدو عليه الحزن ، عندما يُعلن : أن كل مدينة في العالم سيتم تدميرها في الحرب النووية الأخيرة ، وتعقّب الكاتبة : تصوّروا أن مُدنا مثل لندن وباريس وطوكيو ، ونيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وقد أُبيدت . ــ  تحريض فاضح للغربيين : المؤلف ــ

ويقول لندسي : إن القوة الشرقية سوف تُزيل ثلث العالم … عندما تصل الحرب الكبرى إلى هذا المستوى ، بحيث يكون كل شخص تقريبا قد قُتل ، ستحين ساعة اللحظة العظيمة ، فيُنقذ المسيح الإنسانية من الاندثار الكامل ( الفناء ) .

ويُتابع لندسي : وفي هذه الساعة سيتحول اليهود ، الذين نجوا من الذبح إلى المسيحية … سيبقى 144 ألف يهودي فقط ، على قيد الحياة بعد معركة هرمجدون . ]

يقول عبد العزيز مصطفي في كتابه : قبل أن يهدم الأقصى : [ وأهمية ذلك تنبع من كون غالبية أتباع التيار الأصولي  في أمريكا يؤمنون  بقرب حدوث هذه المعركة ، ويترقبون ساعة وقوعها ، باعتبارها الحدث الذي سيظهر من خلاله المسيح ، ليقضي على قوى الشر ــ كما يزعمونــ التي تحارب اليهود ، حيث بعدها يدخل اليهود الذين تبقوا على قيد الحياة في الديانة المسيحية ، وسيبدأ العصر الألفي السعيد حتى يحكم المسيح العالم من مقره في القدس ؟! ـ ويقول المؤلف : [ من العقائد المشتركة بين اليهود والنصارى ، الاعتقاد بمجئ يوم يحدث فيه صدام بين الخير واشر ، فهناك 85 مليون أمريكي يعتقدون بأن حديث الإنجيل عن تدمير الأرض بالنار يعني أن الأرض ستدمر في حروب نووية فاصلة لا مفر منها ]  (225)

يقول الأستاذ محمد السماك : تقوم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على ثلاث قواعد دينية :

القاعدة الأولى : هي أن إدارة جورج بوش هي أكثر إدارة منذ الرئيس جيمي كارتر ملتزمة بعقيدة [ الولادة الثانية للمسيح] . وبأن من مستلزمات هذه العودة قيام إسرائيل دولة لكل يهود العالم  على كل الأرض الموعودة .

والقاعدة الثانية : في عمل 200 محطة تلفزيونية و 1500 محطة إذاعية على نشر تعاليم هذه العقيدة على أوسع نطاق  في محاولة لتجعل منها ركنا ثابتا كمن أركان الإيمان الديني والثقافة العامة في الولايات المتحدة.

ان نسبة الأمريكيين الذين يترددون الى الكنائس مرة واحدة على الأقل في الأسبوع ـ يوم الأحد ــ تزيد على أربع 04 % علما بأن هذه النسبة  تقل في أوروبا عن 10%  والذين يصوتون عادة للحزب الديمقراطي هم أقل ترددا على الكنائس من الذين يصوتون للحزب الجمهوري . ومن الثابت أن أشدهم تمسكا بعقيدة الولادة الثانية هم سكان الولايات الجنوبية  مثل ولاية دالاس التي كان [ جورج بوش ] حاكما لها قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة .

أما القاعدة الثالثة : فتقوم على أكتاف قساوسة أمثال [ فرانكلين جراهام ]   : ابن المبشر الشهير بيلي جراهام ـ وجيري فولويل ـ وبات روبرسون ــ الذين يحيطون به . وهؤلاء القساوسة الذين يجاهرون بعدائهم للإسلام ويطلقون يوميا الشتائم بحق النبي محمد صلى الله عليه وآله ، هم رواد عقيدة [ الولادة الثانية ] ومفلسفو سيناريو العودة الثانية للمسيح . ويشكل هؤلاء الجسر الذي يقوم بهين بوش وشارون وبين إسرائيل والولايات المتحدة . ] (226)

72 ــ جيري فولويل أنموذج صليبي هرمجدوني

الحديث عن جيري فالويل في واقع السياسة الأمريكية البوشوية يكتشف الى أي عمق وصل الدجل الديني  في أميركا .. و أن منهجية صكوك الغفران الكنسية اليهودية قد أعادها أمثال جيري فالويل كمنظر للصهيونية المسيحية المعاصرة وربط الأساطير والأحلام بالغفران ووهم الهرمجدون بفتح سوق الهرمجدونية على مصراعيه وتغليفه بروح صليبية حاقدة !!  وفالويل كمربي لحقد بوش يسعى نحو تحقيق الرؤية الماشيحانية وتكريس أمريكا كما هويتها التي نشأت من أجلها..ولهذا كان فالويل أحد أخطر عملاء الماشيحانية الصهيونية وحاضنة الإستكبار المالي أحادي العين والدجال الإتجاه !! وهو مؤسس أمبراطورية الجنس الإستخبارية وهو حسب المصادر يعد وكيلا استخباريا مهماته.. تقديم التقارير والوصايا باجتياح العراق وتحطيم بلاد  المسلمين تتويجا لمصالح اليهود وحكومة الماسون العالمية وتؤكد التقارير قدرته الفائقة على الدجل والنهب المالي من مؤسسات اليهود واللوبي الصهيوني فهو أخطر رجالاتهم البروتستانت في أميركا !! ، وقد ساهم في إسقاط رؤساء أميركيين بأمر اللوبي الصهيوني ، هذا وقد.. [أكد انه ورئيس الوزراء ـ الإسرائيلي ــ السابق بنيامين نتنياهو تآمرا بالفعل في وقت حرج، للإيقاع بالرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون باللجوء تحديداً، للضغط عليه بفضيحة مونيكا لوينسكي الجنسية لإرغامه على التخلي عن الضغط على ـ إسرائيل ــ للانسحاب من الضفة الغربية المحتلة [ وعلى الرغم من أن الرابطة المناوئة للتشهير  شجبت ما وصفته ـ  نظرية المؤامرة ـ  إلا أن اعتراف فالويل بأن الكشف عن فضيحة لوينسكي أجبر كلينتون على التخلي عن الضغط على  إسرائيل  ] و [خلال زيارة نتنياهو لواشنطن دي .سي ، في عام ،1998 اجتمع مع جيري فالويل في فندق مايفلاور في الليلة التي سبقت الاجتماع بين نتنياهو وكلينتون. ويتذكر فالويل تلك الليلة قائلا: ” جمعت ألف شخص تقريبا للقاء نتينياهو وقد تحدث الينا في تلك الليلة  . وكان ذلك في الوقت الذي حدثت فيه فضيحة مونيكا لوينسكي  و.. بعد عرضه لنظرية هرمجدون مستخدما الأدلة التوراتية والإنجيلية . تقول الكاتبة بعد حضورها للعرض : رسم فولويل صورة مُرعبة عن نهاية العالم ، ولكنه لم يبدُ حزينا أو حتى مهتمّا . في الواقع أنهى عظته بابتسامه كبيرة ، قائلا : ما أعظم أن نكون مسيحيين ! إن أمامنا مُستقبلا رائعا .  ولهذا يبدوا فالويل كعراب زائف همه الترويج لهرمجدون وسياساتها الناهبة والمتناغمة سوقيا مه مطامح أسرة بوش !!

وفالويل [هو قسيس إنجيلي معروف، ويقيم في مدينة ( لينشبرج Lynchburg) في منطقة فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية وله برنامج أسبوعي إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أكثر من 10 مليون منزل أسبوعيا، وله جامعة خاصة أصولية تسمى جامعة الحرية (Liberty University) يهاجم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى ، إضافة إلى موقعه الخاص على الإنترنت (www.falwell.com)، يضع في صفحته الأولى تأريخاً زائفاً عن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم، كما أنه يروج من خلال موقعه كتاب “السير إلى معركة هرمجدون” “March to Armageddon” وهي معركة نهاية التاريخ حسب معتقدات النصارى الإنجيليين، وقد أثارت تصريحات فالويل موجة غضب واسعة النطاق في الأوساط المسلمة والعربية – داخل وخارج أمريكا- قادت إلى خروج مظاهرات جماهيرية في بلدان عديدة ، وإلى صدور انتقادات سياسية رسمية إسلامية وعربية عديدة . و مما قاله:

في برنامج ” ستون دقيقة ” الأمريكي و أذيع في 6 أكتوبر 2002م وصف فالويل- الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه، بأنهإرهابي” ، وقال ” أنا أعتقد أن محمداً كان إرهابياً. لقد قرأت …كتابات المسلمين ولغير مسلمين، – لكي أقرر- أنه كان رجلاً عنيفاً، و رجل حرب”،] (228) . .

وفي ذات السياق التلمودي يقف الأرعن فالويل ليكيل الاتهامات لنبينا الأعظم ويدفع بموجة الحقد الصهيوتلمودي في عموم أوروبا ولأمثاله تعود حملات التشهير المنحطة على نبي الإسلام العظيم و الذي شهد له كل مفكرو الغرب بأنه على رأس عباقرة التاريخ !! وأن النبي العربي يحل مشاكل التاريخ على فنجان قهوة ؟؟ وقد وصف النبي r [بالإرهابي وداعية الحرب ] (229)

[من جهة أخرى، ذكرت صحيفة ـ أبرار الإيرانية ـ ان ممثلا شخصيا للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي دعا الى قتل القس الأميركي جيري فالويل واثنين آخرين من المبشرين العاملين في شبكة التلفزيون الأميركية الإنجيلية   [الذين أهانوا النبي  ] (230)

[ أما القس جيري فالويل  و الذي أخذ مكان بات روبرت والذي قال عنه مرة بأنه المرشد الروحي للرئيس الذي سون في توجيه بوش الابن الرئيس الأمريكي الحالي بوش ]   (231)

وهو كباقي أصحاب  الإتجاه التدميري لا يرى نهاية العالم إلا بالدمار والانسحاق وتناسى أن تلمود أسياده الماسونييين هو الذي يقف وراء هذه السمات !! والسيد المسيح عليه السلام قد أفصح عن ذلك في الخطاب الذي نقله لنا إنجيل متي  .. وأضاف هؤلاء الماشيحانيون أساطيرهم على كلام الأنبياء عليهم السلام وفصموا العلاقة بين هذا الدمار وملوك إسرائيل وجوقتهم من الأنبياء والمصلحين الكذبة !! وأمثال فالويل يتربه على سدة العرش البوشوي يزيف لهم وجهات  وبركات ربهم يهوه وأنه يمنح بوش رخصة الشيطان بغزو العراق !! وفي إحدى تسجيلاته يقول : [وهكذا ترون أن هرمجدون حقيقة ، إنها حقيقة مُركّبة . ولكن نشكر الله لأنها ستكون نهاية العامة ، لأنه بعد ذلك سيكون المسرح مُعدّا ، لتقديم الملك الرب المسيح ، بقوة وعظمة … إنّ كل المُبشّرين بالكتاب المُقدّس ، يتوقّعون العودة الحتمية للإله … وأنا نفسي أُصدّق ، بأننا جزء من جيل النهاية ، الذي لن يُغادر قبل أن يأتي المسيح ]. وشكات هذه الأساطير هاجسا للرعب في العقل والخطاب الديني ووضع إسرائيل البوشوية في معركة مع روسيا وغيرها .. في حين لا يوجد نص واحد في المصادر الإسلامية ومصادر أهل الكتاب تفيد بغزو روسيا لإسرائيل ولكنها من تخر صات الديماغوجيين الدين الذين أفررزتهم الحالة الأمريكية التلمودية منذ غزوها لبلاد الهنود الحمر وتحطيم حضارتهم لصالح الفكر التلمودي وليس أدل من خطاب المبشرين الذين يتكلمون العبرانية في حملات أميركا الأولى وكأنه غزو خزري جديد في أميركا اللاتينية ؟؟

وفي كتاب ـ  فالويل ـ :  الحرب النووية والمجيء الثاني … ، في فصل الحرب القادمة مع روسيا ، يتنبأ  فولويل : بغزو سوفييتي لإسرائيل … وفي نهاية المعركة سيسقط خمس أسداس الجنود السوفييت ، وبذلك يبدأ أول احتفال للرب . ويجري احتفال آخر بعد معركة هرمجدون … وسيتوقف التهديد الشيوعي إلى الأبد ، وسيستغرق دفن الموتى مدة 7 أشهر . ]   (232)

73 ــ هرمجدونية ريجان النووية :

وتجاوزت البروتستانتية حدودها لاختراق الكاثوليك وصهينتهم وتحميلهم رؤى الهرمجدونية !! [ يشير ريجان نفسه إلى عواطفه الدينية المبكرة ، إذ قال في مقابلة تلفزيونية مع المبشر جيم ببكر عام 1980 :  [ كنت محظوظاً لأن أمي غرست في إيماناً عظيماً أكثر بكثير مما أدرك في ذلك الحين ]  وقال في تصريح علني آخر : [ إن الكتاب المقدس يضم كل الإجابات على قضايا العصر ، وعلى كل الأسئلة الحائرة إذا ما قرأنا وآمنا ، إن الأموال التى ننفقها في محاربة المخدرات والمسكرات والأمراض الاجتماعية يمكن توفيرها لو حاولنا جميعاً أن نعيش وفق الوصايا العشر .. لقد أخبروني أنه منذ بداية الحضارة سنت ملايين القوانين، ولكنها جميعاً لم تصل إلى مستوى قانون الله في الوصايا العشر] (233)

[ لم يعد الرئيس الأمريكي جورج بوش وحده هو الذي كما قال عن نفسه مرارا يتحرك
[ بوحي من اللهوأنه : [ ينفذ الإرادة الإلهية وإنما التحق به وزير دفاعه رونالد رامسفيلد

[ حيث خلع الجنرال بيتر بايس أعلي مسئول عسكري أمريكي في البنتاجون علي رامسفيلد شيئا
قريبا مما منح به بوش نفسه وقال الجنرال بايس خلال احتفال أقيم في 19 أكتوبر الماضي في
ولاية فلوريدا بمناسبة تسلم وتسليم قيادة البنتاجون في الجنوب : [ إن رامسفيلد يتحرك بوحي
من الله … وأنه يدير الأمور بالطريقة التي يقول له الله إنها الأفضل لبلادنا ” ، وأضاف بأن رامسفيلد
رجل تتخطي وطنيته وطاقته وإدارته بشكل كبير وطنية وطاقة وإدارة جميع الذين عرفتهم ..
إنه يجهد أكثر من أي شخص آخر في البنتاجون .] [لم يعد الرئيس الأمريكي جورج بوش وحده هو الذي كما قال عن نفسه مرارا يتحركبوحي من اللهوأنهينفذ الإرادة الإلهية، وإنما التحق به وزير دفاعه رونالد رامسفيلد حيث خلع الجنرال بيتر بايس أعلي مسئول عسكري أمريكي في البنتاجون علي رامسفيلد شيئا قريبا مما منح به بوش نفسه وقال الجنرال بايس خلال احتفال أقيم في 19 أكتوبر الماضي في
ولاية فلوريدا بمناسبة تسلم وتسليم قيادة البنتاجون في الجنوب : ” إن رامسفيلد يتحرك بوحي من الله … وأنه يدير الأمور بالطريقة التي يقول له الله إنها الأفضل لبلادنا ” ، وأضاف بأن رامسفيلدرجل تتخطي وطنيته وطاقته وإدارته بشكل كبير وطنية وطاقة وإدارة جميع الذين عرفتهم .. إنه يجهد أكثر من أي شخص آخر في البنتاجون ” . هكذا أصبح رامسفيلد علي خطي بوش ينفذالإرادة الإلهيةبتخريب وتدمير العراق وأفغانستان ودعم إسرائيل لتدمير فلسطين والفلسطينيين ، ولا ندري حتى الآن هل الإرادة الإلهية التي توجه
بوش تختلف عن تلك التي توجه رامسفيلد أم أن كلاهما أصبح بدرجة واحدة ] [إن أبرز ما كشف عنه تصريح قائد الجيوش الأمريكية الجنرال بيتر بايس أن كلا من بوش ورامسفيلد شريكان في النبوءة ، وهذا سر رفض بوش طوال السنوات الماضية إبعاد رامسفيلد عن موقعه رغم الاعتراضات الداخلية الكبيرة علي سياساته فكلا الرجلين يتصرفان بــ [ إلهام من الله وينفذان : الإرادة الإلهية ] ويديران الأمور بالطريقة التي يقول الله لهما إنها الأفضل ” وهذا ما جعل بوش يؤكد للصحفيين في الثاني من نوفمبر الجاري أن ” رامسفيلد باق في منصبه حتى نهاية فترتي الرئاسية الثانية ” ، ولكن أي إله هذا الذي يوحي لهما بتخريب
الكون ورب العالمين استخلف الناس في الأرض لعمارة الكون وإقامة العدل وليس لتخريبه ونشر
الظلم كما يأمر إله بوش ورامسفيلد (234)

وقد نقلت الراحلة هالسيل : [ إن ريجان كان يشعر بذلك الالتزام خصيصا وهو يعمل على بناء القدرة العسكرية   للولايات المتحدة وحلفائها . وقال : [ صحيح إن حزقيال تنبأ بانتصار جيوش إسرائيل وحلفائها في المعركة الرهيبة ضد قوى الظلام ، ومع ذلك فإن المسيحيين المحافظين مثل رئيسنا ] (235)

ـ ويبدو أن تلقين فالويل  لم تسعفه على مقاصد الأنبياء وهم يكيلوا اللعنات على وثنية الملوك التي أزهقت أرواح أغلب الأنبياء وهو كحاخام فريسي ليس له هم سوى التزييف وصب اللعنات على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم !! ولا نعرف أي مسيح يريده ؟؟  هل هو مسيح الضلالة ؟؟ أم مسيح الحق وصانع السلام في العالم وهوا لقادم حسب مصادرنا الصحيحة ليصنع في دولة المختارين.. و كما تؤكد ذلك مصادر الإنجيل وأحرار النصارى . ويبدوا أن فالويل وجماعته من حاخامات اليهود المزروعين في قلب المجتمعات المسيحية أن لوثر : هو الذي أضاف العهد القديم  مع الإنجيل وحاول أن يتجاوز حقد النصارى على اليهود بتحميلهم قتل السيد المسيح حسب اعتقادهم..

ونسي أن البابا السابق هو الذي أصدر فرمان بتبرئة اليهود من دم المسيح !! ولم يحل الفتوى بالمراجعة العقائدية ولكن بالمراجعة اللوبية الماشيحانية المنزرعة في حقد كل هؤلاء الماشيحانيين في قلب الفاتيكان ؟؟ ألا يحق للسيد المسيح الآتي وشيكات أن ينزع الصليب من على الكنائس كونه يحمل واقع دموي يهودي ظالم والسيد المسح كما في الإنجيل هو الذي أمر تلاميذه أن يحمل كل واحد منه الصليب لا ليرمزوا لقتل المسيح ولكم كونه شعار استشهادي ..فقد كان الرومان كانوا يصلبون خصومهم على الصلبان الخشبية ، فجيري فالويل لايفكر سوى في الدولار الماسوني الذي يحمل قرن العجل الذهبي ومثلث الموت وعين الماشياح الدجال الكذاب !!

تقول السيدة الراحلة جريس هالسل : [ إن المسيحيين الصهاينة يفسدون تعاليم المسيح . إن صهيونية فولويل وسياسته لا علاقة لها بالأخلاق أو القيم أو بمواجهة المشاكل الحقيقة . إنه يدعو أتباعه إلى تأييد إسرائيل . ويطلب من دافع الضرائب أن يقدم لإسرائيل 5 ملايين دولار في السنة.. ] (236)

[أثار باحث جزائري جدلا واسعا في جنيف بعد أن قدم أطروحة تتحدث عن درجة القرابة بين إسرائيل والعنصرية، وبين الصهيونية والعنصرية وعن العلاقة الحميمة بين إسرائيل والمسيحية الصهيونية وعن أوجه الشبه بين الوضع السياسي في إسرائيل ونظام الفصل العنصري القديم في جنوب إفريقيا وسر المودة والتعاون بينهما. جاء هذا في ندوة علمية كان من الصعب إقامتها في أوروبا في مايو الماضي فبحضور حوالي 40 باحثا ومتخصصا تحدث الباحث والمؤرخ الجزائري محمد طالب عن مسألة “العلاقة بين الصهيونية والعنصرية، وإسرائيل والعنصرية والمسيحية الصهيونية“. وأكد أن المسيحية الصهيونية هي نفسها التي قامت بربط النظام العنصري السابق في جنوب إفريقيا بإسرائيل، وهي نفسها التي حققت أكبر تعاون نووي وعلمي وعسكري وصناعي واقتصادي بين الكيانين. ثم عاد الباحث إلى عصر الإصلاح الذي سبق عصر النهضة في أوروبا وشرح كيف أن البروتستانت عرّفوا أنفسهم إلى اليهود، وكيف فهم اليهود البروتستانت وخلافاتهم مع الكاثوليكية، وكيف جلس الطرفان يحدد أحدهما للآخر هويته، وكيف بدأ تعاون بسيط بين الطرفين ثم كيف ظهر من رحم هاتين المجموعتين تيار جديد ضم قلة من اليهود وغالبية من البروتستانت ليقوموا بصياغة أفكار جديدة لا علاقة لها بالبروتستانتية واليهودية، ومن هذا التيار، كما يقول الباحث [ ولدت المسيحية الصهيونية] (237)

تقول الكاتبة : كان  رونالد ريغان  واحدا ، من الذين قرءوا كتاب : آخر أعظم كرة أرضية  … في وقت مبكر من عام 1986م ، أصبحت ليبيا العدو الأول ( لريغان ) … واستنادا إلى  جيمس ميلز الرئيس السابق لمجلس الشيوخ في ولاية كاليفورنيا ، فإن  ريغان  كره ليبيا لأنه رأى أنها واحدة من أعداء إسرائيل ، الذين ذكرتهم النبوءات وبالتالي فإنها عدو الله .  وعندما كان ( ريغان ) مرشحا للرئاسة عام 1980م ، كان يُواصل الحديث عن هرمجدون ، ومن أقواله : إن نهاية العالم قد تكون في متناول أيدينا … إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيشهد هرمجدون . إن معظم المؤمنين ( بالتدبيرية ) ، ينظرون إلى روسيا على أنها شيطانية ، وأنها تُمثّل إمبراطورية الشيطان . ولقد جاهر ( ريغان ) بذلك في 8 / 3 / 1983م ، عندما قال : إن الاتحاد السوفييتي هو حجر الزاوية في العالم المعاصر . إنني أؤمن أن الشيوعية فصل حزين وسيئ في التاريخ الإنساني ، الذي يكتب الآن صفحاته الأخيرة . وتقول الكاتبة : يقول (جيمس ميلز ) في مقال صحفي : إن استعمال ( ريغان ) لعبارة إمبراطورية الشيطان … كان إعلانا انطلق من الإيمان الذي أعرب لي عنه ، في تلك الليلة عام 1971م … إن ( ريغان ) كرئيس أظهر بصورة دائمة ، التزامه القيام بواجباته ، تمشيا مع إرادة الله … إن ( ريغان ) كان يشعر بهذا الالتزام خصّيصا ، وهو يعمل على بناء ، القدرة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها …

[ وفي مقابلة صحفية  أجراها الصحافي روبرت شير في مارس 1981 مع جيري فالويل ، كشفت عن أن الرئيس ريغان قال له : [ ان تدمير العالم  قد يحدث سريعا جدا ]

وإن التاريخ سيصل الى ذروته ] [ وبلغ فالويل الصحافي أيضا  إنه لا يعقد أنه بقى أمامنا خمسون سنة أخرى . وسأل الصحافي إذا كان ريجان يوافق على .  .أيضا فأجاب : لقد أخبرني بذلك ريجان ونقل فالويل عن ريجان قوله له : [ جيري إنني أحيانا أؤمن بأننا نتوجه بسرعة كبيرة الآن نحو هرمجدون]  (238)

********************************

المراجـــــــــــــــــــع

*******************************

(208) الوعود البلفورية من نابليون بونابرت وحتى المحافظين الجدد ..

alarabnews.com/alshaab/2005/09-09-2005/25.htm – 19k

(209) إيلي ليفي أبو عسل : يقظة العالم اليهودي  ط 1/ 1943 ط بمطابع النظام بمصر ص 99 ـ 100

(210)  إيلي ليفي أبو عسل : نفس المصدر السابق ص 104 ــ 109

(211)  الدكتور: جوزيف حجار : أوروبا ومصير الشرق العربي :  ترجمة بطرس الحلاق ط المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1979 ص 288 ــ 229

(212) نفس المصدر السابق

(213)  ج . م. ن . جيفرير : فلسطين إليكم الحقيقة ج1/ص 78 ــ 79 : ترجمة أحمد خليل ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1971 . = كتابنا : الماسونية والعقيدة الماشيحانية الصهيونية

(214) http://www.alarabnews.com/alshaab/2004/27-08-2004/4.htm – 25k : مقال : بقلم :مجدي إبراهيم محرم

(215)  (الصهيونية .. وخيوط العنكبوت)‏ :  لقاء مع الباحث والمفكر ‏المصري عبد الوهاب المسيري

(216) www.alarabnews.com/alshaab/2004/27-08-2004/4.htm – 25

: مقال : بقلم :مجدي إبراهيم محرم

(217) إبراهيم خليل أحمد : إسرائيل فتنة الأجيال في العصور الحديثة ط مكتبة الوعي العربي القاهرة 1970 ص 79

(218) : 4flying.com/vb/archive/index.php/t-10101.html – 21k : مصدر سابق

(219) = الباحث والمفكر ‏المصري عبد الوهاب المسيري  ‏: حول كتابه الجديد .. (الصهيونية .. وخيوط العنكبوت)‏

(220) الدكتور المسيري : البروتوكولات واليهودية والصهيونية ص 24 ط دار الشروق ط1 : 22ــ 23

(221)  الدكتور أحمد سوسة : العرب واليهود في التاريخ ص 352 ط العربي للإعلان والطباعة والنشر دمشق

(222) http://www.wa3ad.org/index.php?show=news&action=article&id=980 – 30k

(223) صحيفة الأهرام 22/5/2004

(224) صحيفة الأهرام : المصدر السابق

(225) عبد العزيز منصور : عندما يهدم الأقصى ط دار التوزيع والنشر الإسلامية ص 167 ، 169  = يوسف الطويل : الصليبيون الجدد : الحملة الثامنة غزة ـ ط1/1995 : مطبعة منصور

(226) مقال منشور : كتاب : أحمد حجازي السقا : عودة المسيح المنتظر ط 1/ 2003دار الكتاب العربي  القاهرة = وكذلك في جريدة الأهرام المصرية في 12/2/ 2003

(227) http://www.icsfp.com/Ar/Contents.aspx?AID=199

http://www.newsabah.com/paper.php?name=News&file=article&sid=16268

(228) http://www.icsfp.com/Ar/Contents.aspx?AID=199 http://www.bahrainonline.org/showthread.php?t=41872 وأنظر أيضا : http://ebaa.net/khaber/2002/10/06/khaber07.htm

(229)  http://ebaa.net/khaber/2002/10/15/khaber07.htm

(230) http://www.arabiyat.com/forums/archive/index.php/t-45861.html

(231)

http://www.malazi.com/index.php?d=95&id=17

(232) هالسل  : مصدر سابق : النبوءة والسياسة

(233)  نفس المصدر السابق  : يراجع : http://www.elfarouk.net/modules.php?name=News&file=article&sid

(234) نبوءة بوش ورامسفيلد : http://www.aljazeeratalk.net/forum/showthread.php?p=75854 بقلم : أحمد منصور ـ الجزيرة توك

(235) نفس المصدر :  ص 70 ، 71

(236) هالسيل :  نفس المرجع ص 88

(237) http://www.alwatan.com.sa/daily/2004-06-04/culture/culture01.htm

(238) النبوءة والسياسة : الإنجيليون العسكريون في الطريق الى الحرب النووية : تأليف : جريس هالسل ترجمة الأستاذ محمد السماك  ص 68  ط أنصار المهدي Y .ORGًًWWW.ALAHD

___________

بقلمـــي

المفكر الاسلامي التجديدي

الشيخ

محمد حسني البيومي الهاشمي

” محمد نور الدين “

أهل البيت عليهم السلام

فلسطين المقدسة

______________


الأقصى عاصمة الخلافة الإسلامية لا مركز السيادة اليهودية العالمية مصطفى إنشاصي تقديم المفكر الاسلامي التجديدي محمد حسني البيومي الهاشمي

الأقصى عاصمة الخلافة الإسلامية لا مركز السيادة اليهودية العالمية

مصطفى إنشاصي

في ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك الحادية والأربعين

تقديم المفكر الاسلامي

التجديدي محمد حسني البيومي الهاشمي
فلسطين المقدسة
*************
البحث المقدم حقيقة هو بحث راقي إذا ما قيس بمجموعة الأبحاث العامة التي قدمها الزميل والباحث المجاهد مصطفى إنشاصي .. وهو حقا جدير في البحث وله همة وغيرة على كلية المستوى الاسلامي الوطني .. وجدليته مهمة في الربط في الرؤية الثورية بين العقيدة الروحية وبين فلسطين .. ولا نكاد نري بونا بيننا في الوجهة سوى في الخبرة .. وعموما له مني وافر التقدير والفخر.. وأبحاثه قيمة في التأصيل العقائدي للصراع الكوني .. وان كان لي توصية على البحث ومثله قادم معه أن يتجاوز المحن التنظيمية والأزمات السياسية والتي تجر المفكر الثوري الى الخلف بحبال شيطانية يسهم فيها هؤلاء الغارقون في التيه .. بطريقة و بأخرى في تعطيل عجلة تاريخ الثورة نحو الخلف .. ولا أريد التعرض للشروحات حتى لا يأخذ البحث المقالي صيغة الكتاب .. فقد تعرض الباحث الجدير الى مفاصل مهمة من أهمها التأصيل لمستقبل الخلافة المقبلة في فلسطين المقدسة وهذا موضوع مهم ، ولكن تحفظي على البحث والأبحاث الأخرى أنها لا تضع النقاط على الحروف .. وأن الجماعات اليهودية وهي من بقايا شراذم الفريسيين والصدوقيين أعداء الأنبياء عليهم السلام وتجار الدين تطرح اليوم كما الأمس بجلاء قضية المخلص الماشيحاني السامري ,, والتي تسميه منذ قرون تلو القرون ” بالعم سام ” : أي السامري الدجال الذي ظهر في زمان موسى النبي عليه السلام وقيد فيها في جزيرة المتوسط لموعد لا يخلفه كما في القرآن ، وأن التعبئة الثقافية العقائدية في الجيش الماشيحاني اليوم في الدولة اليهودية يقوم على هذا الفكر الوثني وتأهيل الجندي الخزري الصهيوني لقبول فكرة الماشيح المقاتل !! وأن قيادة عقيدة جماعات بوش وامتداداتها من عصابات شتيرن والقوى الناهبة والمجرمة في واشنطن تنتهج بقوة هذه المنهجية السامرية التلمودية .. وخاصة بعد غزو العراق وان بوش وجماعات الهرمجدون وهم يدينون بعبادة الشيطان جهرة هم الذين يدعمون الدولة الوثنية الاسرائيلية !! ويروجون في مؤتمراتهم العلنية لفكرة الدجال ذوا لعين الواحدة !!
وهنا السؤال أين النظرية الالهية السماوية القائدة ؟؟ وأين قيادتنا الالهية المحمدية التي ستفتح الفتوح وتسحق الكفر الدولي والعالمي ..وتقيم الخلافة الالهية في القدس …
ان المؤسف وبعد الضغط التاريخي الأموي المجرم قد تم تحييد قضية الخليفة الالهي المسلح وهو المهدي الموعود عليه السلام : قائد التاريخ وأمة الاسلام المقبل والمرشح لسحق كلية هذا الافساد .. لهذا نرى لزاما علينا التأكيد على وجهتنا القيادية وإلا سيبقى الموضوع البحثي في الصراع المقبل وهو ثابت في القرآن والسنة مفرغا ويطرح قضية الصراع بصورة مقلوبة وتسطيحية …
هذه وجهتنا من عشرات السنوات وعلى مساحة شبكة الانترنت ..
ولهذا يجب ان تتمحور منذ الساعة كليه كتاباتنا الثورية على بيان الوجهة الالهية المحمدية القائدة وكذلك على الصورة القرآنية وهي أساس التنزيل .. والتسطيح الفكري يدفع نو القراءة الضعيفة والمقلوبة والتي يهيمن بروح طائفية مقيتة عليها روح اللاوعي الفكري وغياب نور الجغرافية الالهية في المعركة الكونية ,, والأهم في التأصيل في فكرة البحث أن يحدد بقوة صارخة أن قيادتنا الالهية السماوية القادمة هي قيادة خليفة الله المهدي الخاتم في ولاية أهل بيت النبوة المطهرين : وهو بنص الحديث النبوي ” الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ” والكثير من الكتابات الصهيونية والماشيحانية تؤكد أن العم سام الدجال ” السامري ” هو الذي سيحارب المهدي العربي الاسلامي وهم يعرفوه أنه هو المخلص القادم .. وهو تأكيد لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” بنا بدء الدين وبنا يختم ” وإذا كانت جموع الماشيحانيين اليهود يجاهرون من عشرات القرون بقيادة الدجال السامري والتي برزت بقوة بعد السبي البابلي وهو الذي شهد انقلاب خطير على فكرة الأنبياء وخطهم الرسالي عليهم السلام .. الى الترويج للفكرة الماشيحانية الوثنية التي لا تؤمن بالدين ولا بأطروحات الكتب المنزلة .. هذه لفته نقدية على البحث والمباحث القادمة .. وعرض أبحاث المناضل الاسلامي مصطفى انشاصي في مراكزنا ليست وليدة اللحظة .. ولكن قبل أن تعرفه الساحات العربية والتي لاخلاصة حاصرته وأودعة تجار الدين في السجون والملاحقة .. لأنه كما قلت في تعقيب لي على دراسة سابقة له ليس تاجر شنطة ..
وبالعموم البحث في هذه المرة تأصيل جميل خاصة في محددات فكر الأنبياء عليهم السلام وهو ما رصدت له كتابا تحت التأليف بعنوان .. ” الأنبياء عليهم السلام العقيدة الوثنية الاسرائيلية “
والربط بين أقوال الأنبياء عليهم السلام في الحالة الاسرائيلية هو مهما للغاية .. ولهذا يجب العمل لدراسات ثورية تعبوية عن قضية زيف أطروحة ” المسيح ابن داوود ” الماسونية وهي تزوير فاضح لثورة السيد المسيح ونسبه الهاروني من أمة مريم الهارونية بنص القرآن. .

{يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً }مريم28
وهذا ما أشرنا إليه في بحثنا المطول والذي ينشر في الانترنت على حلقات بعنوان :
” سقوط نظرية الهرمجدون الزائفة “
وفي هذا التوجه الذي سندعمه بقوة يمكن تشكيل روحية الصراع الاسلام المواجه وهو الذي يحمي معركة المصير على بوابة فلسطين بعيدا عن سياسات الدجل السياسي وفكر المؤامرة وسياسات التكذيب ..
قال تعالى :
{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }الأنعام33
لك أخي الباحث : مصطفى انشاصي كل التقدير

************************

البحث المهدوف

الأقصى عاصمة الخلافة الإسلامية لا مركز السيادة اليهودية العالمية
مصطفى إنشاصي

في ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك الحادية والأربعين

ان الأمة بشعوبها على طول مساحة الوطن من المحيط إلى المحيط، تؤكد على وُجوب وفرضية الوحدة، وأن الفرقة والصراع على الدنيا هي سبب هوانها وذلها، وأننا تحقق فينا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها” قال قائل: أمن قلة يومئذ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: “بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن”. قال قائل: ما الوهن يا رسول الله؟ قال: “محبة الدنيا وكراهية الموت”.
نعم أمة “الغثاء” الكثرة، و”الوهن” حب الدنيا وكراهية الموت! وهل هناك وهن أشد من هذا الوهن، من سلطتان تحت الاحتلال، إحداهما في رام الله والأخرى في غزة، تتصارعان وتتسابقان في تقديم التنازلات لشر خلق الله، عدو الأمة المركزي، اليهود، الذين قال فيهم رب العزة: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ [المائدة:82]! سلطتان تتصارعان على لا شرعية، لأنه لا شرعية تحت الاحتلال، ولا شرعية تُمنح من مغتصب للوطن والمقدسات، وقاتل للأهل ومدمر للديار، مجاهراً بالعداوة والبغضاء ضد الله ورسوله والأمة، وليس هناك عداوة أشد مما يحدث في فلسطين، وما يمارسه ضد المسجد الأقصى مستغلاً وهن الأمة، وتصارع مَنْ يُفترض فيهم أنهم هم أو أنهم أبناء الطائفة الظاهرة على الحق في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس على رضاه! غافلين عن قوله تعالى:
إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ [الممتحنة: 60/8-9].
ولكني سأُذكِر بمكانة وأهمية بيت المقدس والمسجد الأقصى أولئك الغافلون الذين غرتهم الدنيا والصراع على الكرسي والقدس والأقصى بكل ما له من مكانة وأهمية لم يعودا على أجنداتهم السياسية إلا بقدر ما يخدم الذات والأنا لديهم في صراعهم على الكرسي وشرعية يرضى عنها أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ، فقط للتذكرة كما أعتدنا، ورجائنا أن نُعذر عند الله تعالى بعد أن حرمنا سماسرة الدين والدم، أدعياء الجهاد والمقاومة عن الجهاد بالبندقية، فاكتفينا بالجهاد بالكلمة بعد أن كنا مجاهدين بكليهما، ونحن نستحضر حديث إمام المجاهدين، رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: ” أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر” وفي رواية “أعظم الجهاد”. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : “سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب, ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله”. أنه جهاد بالكلمة نُذكر بها إلى أن يهيأ الله تعالى لقدسه وأقصاه تلك الطائفة المنصورة والظاهرة حقيقة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وستكون تذكرتي المتواضعة بمكانة وأهمية بيت المقدس والمسجد الأقصى في عقيدة الأمة ليس بإعادة نشر ما هو معلوم في القرآن الكريم والسنة النبوية عنهما، ولكن بما يُبشر ويتسق وينسجم مع تلك الكتابات في الفترة الأخيرة التي تؤكد على قرب زوال كيان العدو الصهيوني.
لا وجود لهيكل سليمان المزعوم
لقد فشل اليهود في العثور على دليل واحد يثبت أن المسجد الأقصى قائم مكان (الهيكل)، فبعد ما يربو على أربعين عاماً من التنقيب تحت منطقة الحرم القدسي الشريف بحثاً عن أي دليل يثبت صحة دعواهم، أنفقوا خلالها أكثر من 37 مليار دولار على مؤامرة السيطرة على المسجد الأقصى كليّاً. وذلك ما بدأت يعلن عنه علماء آثار ومؤرخين يهود في الكيان الصهيوني، بعد أن أصابهم اليأس في العثور على أي دليل يثبت أو يؤكد صحة تلك الخرافة اليهودية عن (هيكل سليمان المزعوم).
ففي تموز/يوليو 1992م أعلن فريق من علماء الآثار العاملين في دائرة الآثار (الإسرائيلية) بطلان الادعاء بأن “داود التوراتي” هو الذي أنشأ القدس، ومما قاله العالم (روني ريك) في هذا الصدد: “آسف.. لأن السيد داود والسيد سليمان لم يظهرا في هذه القصة” . كما ذكرت صحيفة “القدس” الفلسطينية في تقرير لها أن أشهر علماء الآثار في (إسرائيل) ويدعى (مائير بن دوف) قال عن الزوبعة الصهيونية حول أعمال الترميم في المسجد الأقصى: بأنها غير مبررة وإنها لأغرض سياسية. وأكد عدم صحة ما يقال عن أن بقايا (الهيكل) موجودة أسفل الحرم القدسي، وأضاف أن الدين اليهودي يمنع منعاً باتاً اليهود من الدخول إلى الحرم. وأشار إلى ما تقوم به الحركات اليهودية مثل (جماعة أمناء الهيكل) بقيادة غرشون سلمون ليس من تعاليم اليهود وأنه خروج على شريعتهم. من جانب آخر أكد (بن دوف) أنه خلال مسيرة الحفريات والدراسات التي أجريت خلال الخمسة والعشرين سنة الماضية تبين أنه لا يوجد (هيكل) أسفل الحرم “أي لا توجد بقايا من ذلك (الهيكل)” .
ذلك الذي أكد عليه (بن دوف) سبق أن أعلنه واعترف به صراحة أحد كبير الحاخامات اليهود (باكشي دورون) رئيس الحاخامية اليهودية في كيان العدو الصهيوني، عندما أراد أن يضع حداً للسياسيين اليهود وما يسمونه جماعات المتطرفين المتدينين لعدم استغلال الدين اليهودي في صراعهم السياسي مع الفلسطينيين، فأصدر فتوى بعث بها مع مندوب خاص هو الحاخام ديفيد بردومان نائب رئيس الحاخامية اليهودية إلي مؤتمر ممثلي (الديانات الثلاث) الذي انعقد في عام 2000 في ميلانو الايطالية، وتضمنت هذه الفتوى اليهودية النص التالي: “من أجل السلام وجدنا أنه من الصحيح أن نصرح في هذا الوقت بفهمنا وتصورنا للأماكن المقدسة في القدس بأنه من المحظور أن تتحول الأماكن المقدسة للمسلمين و(المسيحيين) واليهود إلى سبب الخلاف والنزاعات، كذلك يحظر أن تتحول إلى سلاح بيد أولئك الذين يقاتلون ضد دعاة السلام وصناعته، وعلينا أن نحافظ ونحترم الوضع الراهن في القدس القائم على جبل (الهيكل) المعروف للآخرين بالمسجد الأقصى، وعلينا أن نتعامل بارتياب مع كل تغيير في الوضع الراهن لأن ذلك قد يمس قداسة المكان ويقود إلى إراقة الدماء التي تعارضها كل (الديانات) وكل المجتمعات الحضارية، وبدلاً من المس بقداسة الأماكن المقدسة علينا أن نحترم وأن نقبل الوضع الراهن لكل الأماكن المقدسة … إن قناعة الحاخامية في (إسرائيل) بأن (الهيكل) ليس موجوداً مكان المسجد الأقصى واعتقدنا أن (الهيكل) سيهبط ذات يوم من السماء” .
كما عاد وأكد (بن دوف) على ما قاله سابقاً عام 2009، عندما دعا سلطات الاحتلال الصهيوني لإعادة الحجر الأثري المسروق من المسجد الأقصى إلى مكانه، مشيراً إلى أنه هو من اكتشف ذلك الحجر قبل أكثر من 30 عاماً خلال عمليات حفر أجراها هناك. وأوضح في حديث لممثلي الصحافة الفلسطينية بالقدس المحتلة، أن هذا الحجر يزن 3 أطنان ولا توجد عليه أي كتابات أو رموز. كما أنه كشف عن عمليات تدمير ممنهجة تنفذها سلطات الاحتلال الصهيوني للآثار الإسلامية التي تم اكتشافها في إطار الحفريات الجارية في محيط المسجد الأقصى المبارك. وقال “على سبيل المثال، كنت أنا من اكتشف القصر الأموي، ولكن المسئولين (الإسرائيليين) الذين كانوا يشرفون على المكان قاموا قبل نحو عشر سنوات بزراعة أشجار داخل القصر والآن أصبحت هذه الأشجار كبيرة بحيث باتت تهدد بتدمير الآثار في القصر”. وأضاف: “قمت في حينه بإطلاع (اليونسكو) على ما يجري وطلبت منهم أن يتحركوا لوقف ذلك ولكن أحداً لم يحرك ساكناً .. للأسف، فان (اليونسكو) باتت تعمل لصالح (إسرائيل) وهي لا تفعل شيئاً لوقف ما يجري”. وشدد (بن دوف) على أنه طبقاً للقانون وللوضع القائم، فان حائط البراق (الذي يسميه اليهود حائط المبكى) هو ملك للأوقاف الإسلامية ولكن يستخدمه اليهود من أجل الصلاة. وقال “حتى صيانة هذا الحائط هي من مسؤولية الأوقاف الإسلامية وهذا باعتراف الحكومات الإسرائيلية ولكن هذا لا يطبق الآن وهو أمر مستغرب” .
ويبدو أن صدمة بعض علماء الآثار والمؤرخين والباحثين اليهود بعد أربعة عقود من التنقيب بأنفسهم في القدس وتحت المسجد الأقصى وعدم عثورهم على دليل أثري واحد يثبت أنه كان لهم وجود وتاريخ في القدس؛ جعلهم يخرجوا عن صمتهم ويكشفوا الحقيقة وزيف مزاعم توراتهم وتلمودهم عن (أسطورة الهيكل)،! حيث أكد المؤرخ اليهودي (يهودا رايمان) “أنه لم يتم العثور على أي دليل أثري يمكن أن يكون أساسا للاعتقاد أن المسجد الأقصى قد أُقيم على أنقاض جبل (الهيكل)، بل إن رايمان يشكك في حقيقة أن يكون هناك أصلاً (هيكل) في المكان” .
كما أن البروفيسور (زئيف هرتسوغ) كتب مقالة نقد فيها كل مزاعم اليهود عن التاريخ والحضارة والقوة و…إلخ التي يزعمونها أنهم كانوا عليها في فلسطين قبل أن يتم تشريدهم منها وتشتيتهم في جميع بقاع الأرض، نقتبس منها بعض ما جاء عن موضوع دولة داود سليمان وقوتها، إذ يقول: “المملكة الموحدة ومكانة القدس: أيضاً أحدث علم الآثار تحولاً في استعادة الواقع في الفترة الزمنية المسماة )فترة المملكة الموحدة) لداود وسليمان. فهذه الفترة موصوفة في التوراة وكأنها ذروة الاستقلال السياسي، العسكري والاقتصادي (لشعب إسرائيل) في الماضي، فبعد احتلال داود إمبراطوريته وإمبراطورية سليمان من نهر الفرات إلى غزة. ولكن الاكتشافات الأثرية في مواقع سكنية كثيرة أظهرت أن مشاريع البناء المنسوبة في التوراة لهذه الفترة هي اكتشافات ضعيفة بشكل واسع في قوتها وحجمها … من الواضح أن القدس أيام داود وسليمان كانت مدينة صغيرة، وربما كان فيها آنذاك حصن صغير، لكنها في كل الأحوال لم تكن عاصمة الإمبراطورية الموصوفة في أسفار التوراة … فداود وسليمان كانا حاكمين لممالك قبلية صغيره سيطرت على مناطق صغيرة” .
وعلى الرغم من كل ما تقدم إلا أن الكيان الصهيوني مستمر في عمليات استئصال التاريخ والجغرافية والواقع الفلسطيني واستبداله بأساطيرهم، كما يكشف الباحث (الإسرائيلي) المعروف (ميرون بنفنستي) من خلال حديثه عن المشهد المقدسي في ـ صحيفة هآرتس ـ قائلاً: “في هذا المشهد الذي تكشف أمام ناظريهم، بحثوا عن بقايا لا تزال موجودة من حلمهم، ورويداً رويداً رسموا لأنفسهم خريطة جديدة، غطت المشهد المهدد، ولكن لم يكن هذا مجرد خريطة من الورق والأوهام، فقد أصروا على أن يصمموا الواقع، المشهد المادي، وفقاً لرؤياهم وأحلامهم، فقد حطموا المشهد الفلسطيني وبنوا مكانه مشهدهم الخاص، حيث تشكل الأسطورة العتيقة مبرراً وذريعة” .
وأخر ما أعلنه علماء الآثار الصهاينة عن (أسطورة الهيكل ومدينة داود) ما ذكرته قناة (فلسطين الفضائية بتاريخ 2/2/2010، في نشرتها الإخبارية الساعة الثالثة بتوقيت القدس المحتلة):
أن مجلة (التايمز الأمريكية) نشرت في عددها الأخير تقريراً على لسان علماء آثار يهود صهاينة اعترفوا فيه أن نتيجة التنقيبات والحفريات التي أجراها كيان العدو الصهيوني فشل طوال سنوات الاحتلال في القدس وتحت المسجد الأقصى، في العثور على أي آثر أو دليل يثبت صحة وجود (الهيكل الأسطوري) في القدس، أو حتى يثبت أنه كان هناك وجود يهود في فلسطين أو القدس قديماً كما يصوره الفكر الصهيوني في الوقت الحاضر!.
كما أكد علماء الآثار الصهاينة أنفسهم أنهم يقومون بالحفر تحت حي سلون في القدس الذي يقع جنوب المسجد الأقصى منذ سنتين، علهم يعثرون على أي دليل يؤكد صحة مزاعمهم عن (مدينة داود)، التي يزعمون أن حي سلون يقوم مكانها وأنها تمتد إلى ما تحت المسجد الأقصى ، ولكنهم لم يعثروا على أي أثر يدل على وجود تلك المدينة المزعومة. وصرحوا بما سبق أن أعلنه (ميرون بنفنستي): أن الهدف من تلك الحفريات والإدعاءات الصهيونية عن (مدينة داود والهيكل) هو اغتصاب الأرض من أصحابها الأصليين وإسكان مغتصبين يهود جدد مكانهم، وتهويد المدينة المقدسة القضاء على المعالم التاريخية العربية والإسلامية، والوجود الفلسطيني فيها!!.
القدس لكل الأمم
ما دام لا يوجد ما يزعمه اليهود أنه (هيكل سليمان) أو معبد بالمواصفات الدينية والمعمارية التي يتحدث عنها اليهود في هذا العصر، ماذا يوجد في التوراة؟! وعلى ماذا يدور كل هذا الصراع الدامي الذي يرفض فيه اليهود الصهاينة الصلح وأنصاف الحلول والتنازلات التي يُقدمها العرب للكيان الصهيوني من أجل إنهاء هذا الصراع؟! ذلك ما سنحاول أن نُجيب عنه:
يوجد في التوراة والأناجيل المُحرفة نصوص وعهود ووعود ونبوءات من (الرب) لها علاقة بالمستقبل ونبي آخر الزمان، وعن حقيقة هوية الورثة الشرعيين لإرث الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، بالإضافة إلى نبوءات عن مدينة بيت المقدس وبيت الرب، وأنهما سيكونان مقراً لحكومة أو سيادة عالمية آخر الزمان أيضاً، وتُحدد هوية الأُمة التي ستحكم العالم ويكون لها السيادة العالمية، والتي ستجعل بيت المقدس وبيت الرب مكان عبادة لجميع الشعوب، وتتبارك فيها بإبراهيم كل شعوب الأرض، تصفها بأنها الأُمة البارة، التي تقيم العدل والبر بين جميع الشعوب والأُمم، لا أُمة القبيلة والعرق، أُمة العنصرية والاستعلاء والاستكبار على جميع البشر. بمعنى آخر؛ أنه يوجد في التوراة والأناجيل المحرفة إشارات ونبوءات لها علاقة وطيدة بجوهر وأبعاد الصراع الدائر اليوم بين قوى ومحور الخير (الإسلام) والمسلمين ، وقوى ومحور الشر (اليهود والنصارى)، ومركزه فلسطين، ومدينة بيت المقدس، والمسجد الأقصى بالتحديد. والهوية الحقيقية لتلك للأُمة التي سيكون لها السيادة على بيت المقدس والمسجد الأقصى والعالم، وقد وصفتها التوراة والأناجيل ب”الأمة البارة”.
فقد جاء في التوراة والأناجيل تأكيد على شمولية نصوص العهد القديم عن ورثة إبراهيم، وعدم حصرها في قوم أو شعب من الشعوب كما فعل اليهود. فقد جاء في سفر (إشعيا: 56/7) أن أورشليم تصبح ذاتها رمز هذه الشمولية: (بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب). كما جاء في سفر (إشعيا 66/8): (حدث لجمع كل الأمم والألسنة). وقول الرب لـ(إشعيا: 49/6): (قد جعلتك نوراً للأمم؛ لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض). وجاء في سفر (زكريا: 2/11): (يتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم ويكونوا لي شعباً).
تلك البركة لجميع الأمم أكد عليها أيضاً المسيح ، ولم يجعلها وقفاً على شعب بعينه كما فعل اليهود، ولكنه جعلها تشمل كل المؤمنين بإبراهيم ، فقال: “6كَمَا (آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا). 7اعْلَمُوا إِذًا أَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ أُولئِكَ هُمْ بَنُو إِبْرَاهِيمَ. 8وَالْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ (فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ). 9إِذًا الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ يَتَبَارَكُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤْمِنِ”. (رسالة بولس لأهل غلاظية: الإصحاح 3/6-9).
نعم إن الانتماء انتماء الإيمان والعمل، ألم يأتِ في (العهد القديم) أن من شروط الوعد أن يحفظوا وصية الله، ويعملوا بالبر والعدل: “18وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً، وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟ 19لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، لِيَعْمَلُوا بِرًّا وَعَدْلاً، لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ”. (سِفر التكوين: الإصحاح 18/18-19).
نعم إنها الشمولية التي وردت في كثير من نصوص العهد القديم إلا أن يهود لم يحافظوا على هذا البيت ليبقى بيتاً للصلاة، ولكن حولوه إلى مكان للبيع والشراء والصرافة، وإلى مغارة لصوص، وهذا ما أكده المسيح : (12وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13وَقَالَ لَهُمْ:”مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!”) (متى: 21/12-13).
ولكن كيف سيكون الخلاص؟ وكيف ستكون أورشليم بيتاً للصلاة لكل الشعوب؟ وكيف ستخرج الشريعة من صهيون ليتعظم (الرب) لشعوب كثيرة وتنتهي حالة الحرب المعلنة، وتعود القدس ملكاً لكل الأمم، وتتبارك وتتصل أمم كثيرة بـ(الرب) وتكون شعباً له؟.
لتحقيق ذلك وغيره يجب أن تخرج هذه المهمة العالمية من أيدي أعدى أعداء البشرية الذين احتكروا كل النصوص احتكاراً قبلياً وعنصرياً وقصروها على أنفسهم، وأن تتسلم تلك المهمة الرسالية الإلهية أمة خليقة بحملها، أمة تؤمن بإبراهيم وموسى وعيسى وترعى حق الإيمان، وهذه الأمة هي التي سبق وأن بشرت بها كتب اليهود والنصارى الدينية، ووصفتها بأنها “الأمة البارة”.
عالمية العهد والوعد في التوراة

وقد فسر علماء اللاهوت النصارى الذين عارضوا تفسيرات اليهود بأنهم المقصودين وحدهم بهذا الوعد الإلهي لنوح وإبراهيم عليهما السلام، بأن هذا الوعد يشمل جميع ذرية إبراهيم ومنهم إسماعيل أبو العرب –نصارى ومسلمين-، وأن الوعد يختص بجماعة المؤمنين بإبراهيم ولا يختص بجماعة عرقية تنتمي لإبراهيم عرقياً. هذه الرؤيا اللاهوتية النصرانية تأتي منسجمة ومتوافقة لما جاء في القرآن الكريم من أن الورثة هي ورثة دين، والتركة هي أمانة رسالة عالمية، والأمة الموعودة بهذه العالمية هي أمة الإسلام التي صححت التحريف والانحراف الذي أحدثه اليهود والنصارى على رسالة نوح وإبراهيم وجميع الأنبياء والرُسُل عليهم جميعاً الصلاة والسلام، واحتفظت بعالمية رسالة نبيها محمد ولم تجعله نبياً للعرب دون غيرهم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ {الأنبياء:107}. ولم تحتكر الله لنفسها دون غيرها من الأُمم: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ {الشعراء:192}. ذلك ما يجعلها هي وحدها الأُمة المقصودة بنبوءات التوراة، خاصة وأن كثير من علماء اللاهوت النصارى يؤكدون أن النبوءات لا تعني عودة اليهود إلى فلسطين، ولكنها تعني مملكة روحية للجنس البشري كاف ولجماعة المؤمنين.
فقد جزم كثير من العلماء الموضوعيين والمحايدين وغير المتعصبين لليهود المختصين في الدراسات التوراتية؛ بأن جميع النبوءات التي وردت في أسفار التوراة قد تحققت بعودة اليهود بعد السبي البابلي: يقول الدكتور (فرانتش شايدل) معقباً على نبوءة سفر (أرميا) بعودة اليهود إلى فلسطين بقوله: “لقد تحققت النبوءة إذ عاد اليهود من الأسر البابلي” . والثابت تاريخياً أن جميع اليهود الراغبين في العودة قد عادوا أيام حكم ملك الفرس أرتحششتا زمن الإمبراطورية الفارسية.
ويؤكد الأُستاذ (ألفرد جلوم) أستاذ دراسات العهد القديم في جامعة لندن، بعد أن يعرض لنصوص التوراة حول العهد: “أن هذه الوُعُود قد أُعطيت لإبراهيم ولذريته… وهكذا يصبح لنسل إسماعيل كل الحق لأنهم يعتبروا أنفسهم من نسل إبراهيم … وبالإضافة إلى أنه حين تم العهد ووُعِد إبراهيم بأرض (كنعان) كملكية أبدية بين الله وإبراهيم بالختان، كان إسماعيل جد القبائل العربية هو الذي “خُتِن” ولم يكن إسحاق قد ولد” . وينتهي “جلوم” إلى القول: بأنه “من الواضح أن الوُعُود الإلهية إلى أولئك الأنبياء قد أُلغيت بسبب ردة الأُمة عن الدين، وعندما أجلى السبي الأشوري السكان عن السامرة والسبي البابلي الشعب عن يهودا، رأى الأنبياء في هذه المصائب تنفيذاً للعدل الإلهي في حق شعب عاصٍ جاحد. ولكنهم قالوا لشعبهم: أن بقية ستعود… وفعلاً عاد اليهود إلى يهودا وأعادوا بناء أسوار القدس، وأعادوا بناء (الهيكل)، وعلى ذلك فقد تحققت فعلاً نبوءات العودة، ولا يمكن لها أن تتحقق ثانية، ففي مجمل الكتابات المعترف بها دينياً، والمتعلقة بالعهد القديم، ليست ثمة أية نبوءة عن عودة ثانية من الرجوع من المنفى البابلي” .
النبوءات تعني جماعة المؤمنين
وعلى ذلك تكون النبوءات الواردة في أسفار التوراة ولم تتحقق بعد؛ خاصة بأُمة أُخرى غير اليهود، وذلك ما يراه كثير من علماء اللاهوت النصارى! يقول {الدكتور “وليام هـ. شتاينسبرج” أستاذ دراسات العهد الجديد –الإنجيل- والدراسات (السامية) في جامعة “ديوك” بولاية “نورث كاورلاينا” والكاهن في الكنيسة المشيخية: “ليس ثمة من أساس في العهد الجديد أو القديم يستند إليه أدعياء الصهاينة بأن إقامة دولة يهودية جديدة في فلسطين هو أمر مطلوب أو له ما يبرره في الكتاب المقدس أو نبوءاته، فالوعود الواردة في نبوءات الكتاب تنطبق على البشر كافة”. ويرى أن الإشارات الواردة في الكتاب المقدس تنطبق “حسبما وردت في العهد الجديد، على الكنيسة (المسيحية) المثالية، أو على جماعة من المؤمنين حقاً، ذلك بالمعنى الديني للإيمان”. ثم ينتهي إلى أن تلك الإشارات والعبارات في العهد القديم تشير إلى “مملكة روحية للجنس البشري كافة، لا إلى إسرائيل سياسية تحتل أراضي ومنازل مملوكة طبيعية من قبل شعب آخر”.
أما الدكتور أوفدر سلزر أستاذ العهد القديم سابقاً، وعميد معهد “ماك كورمك” اللاهوتي، والكاهن في الكنيسة المشيخية المتحدة، ينتهي من تفنيده للإدعاء اليهودي بأن إنشاء (دولة إسرائيل) جاء تحقيقاً لنبوءة الكتاب المقدس، إلى القول: بأن “المسيحي الذي يعتمد على الكتاب المقدس المسيحي، يستطيع أن يعتقد بأن كلمة (إسرائيل) لا تعني وحدة جغرافية أو عرقية أو سياسية، بل جماعة المؤمنين كافة} .
المسلمون هم جماعة المؤمنين
لذلك يمكننا التأكيد بكل ثقة أن “الأُمة البارة” التي بشر بها العهد القديم والجديد هي أُمة محمد. هذه الأُمة هي التي حققت نبوءات التوراة في جعل مدينة بيت المقدس والمسجد الأقصى رمزاً لشمولية الوعد والعهد لجميع شعوب الأرض، ورمزاً للسلام والوحدة العالمية، من خلال جعلها بيت عبادة وصلاة لجميع تلك الشعوب: “بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب” (إشعيا:56/7). وإذا ما سألنا إشعيا: كيف سيكون بيت صلاة لكل الشعوب واليهود يؤمنون أنهم وحدهم هم “شعب الرب”، وهم وحدهم البشر، وغيرهم حيوانات خلقت في على هيئة الإنسان لتليق بخدمة إنسان “شعب الله المختار” للسيادة العالمية على جميع المخلوقات في هذا الكون؟ّ. يُجيبنا (إشعيا:49/6) نفسه: أن الرب يُرسل عبداً ليكون “نورا للأمم” وليس للشعب المختار “فقد جعلتك نوراً للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض”. كما يُجيبنا (أرميا:1/5): “جعلتك نبيا لكل الشعوب”! وهذا دلالة على عالمية الرسالة والعهد والوعد، التي قصُرت جِبلة اليهود على القيام بواجب تبليغها وتحقيقها واقعاً بين الشعوب جميعاً، ولكنها احتكرت إله العالم أجمع لنفسها من دون جميع شعوب الأرض ، لذلك أنكر عليهم المسيح  ذلك: “أم الله لليهود فقط أليس للأمم أيضاً، بلى للأمم أيضاً” (رسالة أهل رومية:3/29).
وإن حَصر اليهود وُعُود الأنبياء الخاصة بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام في مسيح خاص بهم؛ يُعتبر تحريفاً ظاهراً وواضحاً ومتعارضاً مع وُعود الرب لإبراهيم في التوراة “وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض” (التكوين:12/3). التي تأتِ منسجمة مع العهد الذي قطعه الله لنوح  بعد الطوفان، وكانت علامة عهده أن يضع قوسه في السحاب: “وقال الله هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم وبين كل الذوات الحية التي معكم إلى أجيال الدهر….”. (التكوين 9/ 8-17). وكما تأتِ منسجمة مع نبوءة (زكريا الإصحاح 2/11، 12) قول الرب: “ترنمي وافرحي يا بنت صهيون لأني ها أنا ذا آتي وأسكن في وسطك يقول الرب. فتتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم ويكونون لي شعباً فأسكن في وسطك”. ومن أجل هذا أرسل الرب (يونس) إلى “نينوي” لينذرهم بقوله: “وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاي قائلا قم أذهب إلى نينوي المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي” (سفر يونان: 1/1). وفي سفر إشعيا يرسل الرب عبداً ليكون “نورا للأمم”. (الإصحاح 49/6) وليس للشعب المختار، وهذا دلالة على عالمية الرسالة “فقد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض”. كما نجد في (سفر أرميا: 1/5): أن الرب يخبر “جعلتك نبياً لكل الشعوب”. وليس لشعب واحد هو بني إسرائيل!.
كما جاء في التوراة ما يدل على شمولية وعالمية الوعد لإبراهيم عليه السلام، وأن القدس ستصبح بيت صلاة وعبادة لكل الشعوب حتى المختلفة مع يهود في الإيمان “لأن بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب”. (سفر إشعيا: الإصحاح 56/7). كما نجد في نفس السفر رؤية أكثر وضوحاً وتبشيراً بالمستقبل، وأكثر انفتاحاً وتخلصاً من شعور العنصرية والانغلاق، حيث تبشر بخروج أمة من القدس محبة للسلام وللأمم الأخرى، لا ترفع سيفا ولا تتعلم الحرب: “وتسير شعوب كثيرة وتقول هلم نصعد جبل الرب إلى بيت يعقوب فيعلمنا من طرقه ونسلك في سبله، لأنه من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم تعلن كلمة الرب. فيقضي بين الأمم وينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل، لا ترفع أمة على أمة سيفا ولا يتعلمون الحرب فيما بعد”.(2/3،4). إن هذه النبوءة لا يمكن أن يكون المقصود بها اليهود، الذين لم ينصفوا يوماً شعباً من شعوب المنطقة، أو أغمدوا لهم سيفاً، أو كفوا عن الحرب، وهم أينما حلوا ولدوا الثورات والفتن، وأجروا المذابح، وخلفوا وراءهم الدمار، إلى درجة يصدق فيها عليهم قول الرب لهم: “إن كثرتم الصلاة لا أسمع لكم، أيديكم ملآنة دما”. (سفر إشعيا: الإصحاح 1/15). وهذا دليل على قسوة قلوبهم، وأنهم ليسوا هم الأمة المقصودة.
ويعلق رجاء جارودي على نص سفر إشعيا عن الأمة التي تجعل القدس منارة روحية لكل الأمم، بقوله: “تلكم هي رؤيا إشعيا للمستقبل وهي أيضا رؤيا الأنبياء، وهي تجعل من أورشليم ، لا عاصمة شعب، بل منارة روحية لأمة دينية تمتد على تخوم العالم” .
كما أنه هناك رؤيا أخرى جاءت في (سفر أرميا) قصر الفكر الديني لليهودي تفسيرها على أنهم هم المقصودين بها، في الوقت الذي لا تنطبق شروطها أيضاً إلا على المسلمين من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. وهذه الرؤيا تقول: ط”يقول الرب أنهم لا يقولون بعد تابوت عهد الرب ولا يخطر على بال ولا يذكرونه ولا يتعهدونه ولا يصنع بعد. في ذلك الزمان يسمون أورشليم كرسي الرب ويجتمع إليها كل الأمم إلى اسم الرب إلى أورشليم”. (أرميا: الإصحاح 3/16 ، 17).
وإن كان هناك أمة في التاريخ تنطبق عليها نبوءات التوراة حقيقة فهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهي الأمة الوحيدة التي يشهد لها التاريخ وكثير من مؤرخي الغرب الصليبي نفسه أنها هي الأمة الوحيدة التي حافظت على مقدسات غيرها، ولم تنتهك لها حرمة، ولم تمنع أحدا من أتباعها من الصلاة فيها ، أو زيارتها، وكفلت لأتباعها حرية العبادة، وجعلت من القدس بيت عبادة وصلاة لكل أتباع الرسالات السماوية جميعهم. فالمسلمون قد جعلوا من القدس طوال تاريخ حكمهم لها مركزاً روحيا لكل الأمم على اختلاف أجناسها وأعراقها, ومعتقداتها، ولم يحتكروا المدينة لأنفسهم رغم اعتقادهم الراسخ بأنهم هم وحدهم ورثة جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. ولم يتم ذلك الاتصال بين الأُمم الكثيرة إلا في ظل حكم الإسلام لبيت المقدس ، فالتاريخ لم يحفظ لنا أن أُمة من الأمم التي حكمت بيت المقدس حافظت على وصايا التوراة والأناجيل في جعلها بيتاً للعبادة لجميع الأُمم والشعوب كما حافظت عليها أُمة الإسلام، التي احترمت جميع عقائد أتباع الرسالات السماوية ولم تمنعهم من أداء شعائرهم وعباداتهم في بيت المقدس، بل ووفرت لهم كل أسباب الأمن والأمان، وفي الوقت نفسه حفظ لنا التاريخ فظائع عظام ووحشية وبربرية كثيرة ارتكبها اليهود والنصارى ضد سكان فلسطين وغيرها، عندما حكموا بيت المقدس لفترة وجيزة من التاريخ أيام تمردهم في عهد اليونان والرومان.
كما أن النصارى أيضا ليسوا هم تلك الأمة المقصودة بهذه النبوءة، والتاريخ يحفظ للإنسانية فضائع عظام ارتكبها النصارى عندما حكموا بيت المقدس قبل الإسلام لا يقل ضراوة عن فظاعة ووحشية اليهود، وأشد منه ما ارتكبه النصارى ضد المسلمين ومقدساتهم عندما احتلوا بيت المقدس أيام الحروب الصليبية الأولى ضد المسلمين ومقدساتهم، وحتى ضد أبناء دينهم مِمَنْ يخالفوهم في المذهب، وضد اليهود ومقدساتهم. وها هو الواقع المعاصر للموالاة بين اليهود والنصارى هذا العصر يشهد على حقيقة أفعالهم في بيت المقدس والأرض المباركة؛ بل وفي الأرض كلها. بعد أن مكنوا اليهود من فلسطين وبيت المقدس، ولا زالوا يوفرون لهم الحماية بالرغم من اعتداءاتهم المتكررة لا على مقدسات المسلمين فقط بل وعلى مقدسات النصارى أنفسهم!! وفي الوقت نفسه تتعالى أصوات نصرانية تطالب حكومات العالم النصراني ألا يسمح بإعادة القدس إلى المسلمين، ونجد بابا الفاتيكان عام 1965م يبرئ اليهود من دم المسيح الذي بحسب اعتقادهم أن اليهود هم قتلته، ويقيم سفارة وعلاقات دبلوماسية له مع كيانهم المغتصب لموطن المسيح!! والبابا الحالي بنديكيت السادس عشر لا يكل ولا يمل من الحديث عن التاريخ المشترك الذي يجمع اليهود والنصارى.

بيت المقدس عاصمة الخلافة الإسلامية*
بالإضافة إلى روايات الطائفة المنصورة الظاهرة السابق ذِكرها؛ هناك جملة من الأحاديث التي تتحدث عن الفتن آخر الزمان، وعودة المسيح عيسى، وقتاله الدجال مع الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق، ومنها أحاديث ذكرت أن الدجال لا يظهر في نحو أربعة مساجد إسلامية من بينها بيت المقدس “المسجد الأقصى “، وأشهر رواياتها تتعلق ببلاد الشام وبيت المقدس أيضاً. كما أنها ذكرت أن الخلافة الإسلامية آخر الزمان سيكون مقرها بيت المقدس. تلك الأحاديث تُعتبر من أقوى الأحاديث التي تربط بين واقع الصراع العقائدي والفكري القائم بيننا وبين اليهود اليوم على المسجد الأقصى، وتتوافق مع نبوءات التوراة التي تتحدث عن الأُمة البارة التي تجعل جميع شعوب الأرض تتبارك في إبراهيم، وتجعل البيت “المسجد الأقصى” مكان عبادة لجميع الأُمم، تلك النبوءات التي تتطابق مع التفسير العالمي للعهد الذي قطعه الرب لنوح، والوعد الذي أعطاه لإبراهيم. وما يؤكد أن تلك النبوءات لا تخص اليهود ولا النصارى؛ أن اليهود والنصارى عجزوا عن أن يكونوا هم تلك الأمة، بسبب الانغلاق القبلي واحتكار إله العالمين عند اليهودي لأنفسهم دون جميع البشر، وحصر العهد والوعد في ذرية سام دون إخوته، وبني إسرائيل من ذرية إبراهيم دون إخوتهم وأبناء عمومتهم. وبسبب الاستعلاء والعنصرية العرقية للجنس الأبيض النصراني، تلك العنصرية التي لا تختلف كثيراً عن قبلية اليهود. وهذه بعض تلك الأحاديث:
قال حذيفة: قال رسول الله : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضّاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت” . وقد مرت المراحل الثلاثة الأولى، وها نحن نعيش أواخر المرحلة الرابعة، التي تذخر بكثير من الأحداث والوقائع التي يرى فيها بعض الفقهاء المهتمين بأمر الصراع، وبعثة المهدي وعودة المسيح آخر الزمان، قرب زمانهما، وزمان قيام الخلافة الإسلامية التي ورد ذِكرها في حديث ابن حوالة الأزدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله المطهرين ، فقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله المطهرين : “يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة؛ فقد دنت الزلازل والبلابل والأُمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك” . والحديث يشير إلى أن القدس ستكون عاصمة الخلافة الإسلامية في المستقبل، وأن ذلك من إمارات الساعة.
وكذلك حديث معاذ بن جبل: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح، وفتح القسطنطينية خروج الدجال، ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدث أو منكبه، ثم قال: إن هذا لَحَقٌّ كما أنك هاهنا، أو كما أنك قاعد، يعني معاذ بن جبل” . وخراب المدينة لا يكون على يد السفياني كما فهم البعض: “فأنت ترى أن ذكر عمران بيت المقدس إشارة إلى نزول الخلافة فيها، وفيها إشارة إلى حدث ينْزل بالمدينة، إذ يهجرها أهلها، لا كما يتصور بعضهم أن السفياني يخربها، ثم تكون الملحمة، ثم فتح القسطنطينية، ثم خروج الدجال” .
وما يؤكد أن نبوءات التوراة عن أن مقر السيادة العالمية آخر الزمان يكون ببيت المقدس، وأن الأُمة البارة هي أُمة الإسلام وريثة التراث الروحي لجميع الأنبياء والرُسل، أن عيسى عليه السلام عندما ينزل إلى الأرض ويلتقي الطائفة المنصورة الظاهرة، وعندما يحل وقت الصلاة يقتدي ويُصلي خلف إمام من أُمة محمد، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله المطهرين يقول: “لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينْزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة” .
وما يُكذب ادعاء اليهود بأن مقر مسيحهم الذي سيحكم العالم هو (الهيكل) الذي سيُقام مكان المسجد الأقصى؛ أن المسيح الدجال يظهر في الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس. قال سُمرة بن جندب: قال رسول الله: “لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى شيخ الأنصار، وأنه متى خرج فإنه يزعم أنه الله فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح من عمل سلف، ومن كفر به وكذبه فليس يعاقب بشيء من عمله سلف، وأنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس وأنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيتزلزلون زلزالاً شديداً فيصبح فيهم عيسى بن مريم فيهزمه الله وجنوده حتى إن أجذم الحائط وأصل الشجرة لينادي بالمؤمن هذا كافر يستتر بي تعالى فقتله” .
أما الحديث العظيم الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي قَالَ: “لَتُقَاتِلُنَّ اليهود، فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا ْيهوديٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ” . وفي رواية أخرى عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: “تُقَاتِلُكُمْ الْيهود، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، ثَمَ يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يهوديٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ” . كما أخرج عن مسلم عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيهود فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليهودي مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يهوديٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيهود” .
بالنسبة لهذا الحديث؛ بعد مناقشة مستفيضة لأحاديث الطائفة المنصورة، والخلافة ببيت المقدس، وأحاديث الفتن ونزول المسيح عيسي وقتاله الدجال، يستبشر الدكتور محمد سعيد حوّى بُقرب النصر وزوال كيان العدو الصهيوني الغاصب لقدسنا وأقصانا، فيقول: “الظاهر أن دولة (يهود) هذه تزول بجهاد المجاهدين، ويكون قيامُ دولة الخلافة على أثر ذلك في الأرض المقدسة، أو تقومُ إثرَ أحداث جسام نواةُ دولة الخلافة، وتكون أهم أعمالها تطهير بيت المقدس من يهود، فتعلن الخلافة وعاصمتها القدس، لتبدأ فتوحاتها الأخرى الكبرى، أما مقاتلة اليهود حتى يقول الحجر والشجر … فهذا مع اليهود الذين يكونون مع الدجال” .
يحضرني هنا تجربة شخصية مع إحدى اليهوديات:
كنت أعمل عام 1976 في أحد المصانع في فلسطين المحتلة عام 1948، وكنت على خلاف بقية العمال الفلسطينيين معي في المصنع، أُحب الخوض في السياسة والصدام مع العمال اليهود، والتأكيد على أن هذا وطننا، وأنه لا بد أن يعود لنا. المهم في إحد النقاشات مع إحدى اليهوديات من أصل يمني، ورداً على إصراري على الحديث في السياسة، قالت: مصطفى أنت تعرف أن أبي حاخام. قلت: أعرف. قالت: كلامك عن عودة الأرض لكم صحيح. أبي يقول: أنه مكتوب عندنا في الكتب القديمة (كتبهم الدينية)، أن دولتنا تُعمر ما بين ثمانين إلى مائة سنة، بعدها تزول. ويقول: أنه قبل زوالها تظهر إمارات طبيعية في الجو توحي بذلك، مثل ظهور شفق في السماء يستمر إلى ما بعد منتصف الليل. وأشياء أُخرى لا أذكرها، لأني كنت صغيراً (سبعة عشرة عاماً).
هذا الحديث ذكرني به بعد نحو ثلاثين سنة؛ حوار في أحد البرامج على قناة الجزيرة أو المنار، لا أذكر بالضبط! لأنني وقفت لأسمعه وأنا أَهم بالخروج، وكان له علاقة بنفس ما قالته تلك اليهودية. فقد كان المتحدث يقول: أن اليهود المعادين للصهيونية، ويؤمنون بالعودة سلمياً عند بعث مسيحهم الذي هو مَنْ يُقيم دولة اليهود في فلسطين آخر الزمان، ليسوا ضد الصهيونية وإقامة الكيان الصهيوني، ولكن لأنهم يؤمنون أن إقامة ذلك الكيان وتجميع اليهود في فلسطين؛ هو نهاية الوجود اليهودي فيها. لذلك هم يقولون لليهود الصهاينة: لماذا تستعجلون على نهايتنا. ذلك هو سبب الرفض.
وهذا يؤكد ذاك، وإنما النصر صبر ساعة.
المراجــــــع
محمد جلال إدريس “دكتور”، أورشليم القدس في الفكر الديني الإسرائيلي، مركز الإعلام العربي، سلسلة كتاب القدس (4)، الجيزة، مصر، الطبعة الأولى أبريل 2001، ص45.

محمد عبد الرحمن، دخول “الحرم” مخالف لتعاليم “الديانة اليهودية”، أشهر عالم آثار (إسرائيلي) ينفي وجود (الهيكل)، صحيفة السبيل الأردنية، (أحد أعداد أغسطس/آب 2001).
عرفات حجازي، “المفاوضون الإسرائيليون ربحوا الإبل وكسبوا البراق”، (صحيفة الدستور الاردنية، بتاريخ :13/1/2010).
الموقع الالكتروني للهيئة العالمية الإعلامية للدفاع عن القدس، غزة، “خبير آثار (إسرائيلي) يدعو لإرجاع الحجر الأثري الذي سرق من المسجد الأقصى”، تاريخ النشر13/4/2009.
صالح محمد النعامي، هدم الأقصى.. طبخة يعدها “البلدوزر” مع اليمين واليسار– غزة، إسلام أون لاين نت، شؤون سياسية، القضية الفلسطينية، بتاريخ 1/8/2001.
“علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي (الإسرائيلي)، البروفيسور زئيف هرتسوغ، موقع مقاومة الالكتروني، (9/3/2002)، نقلاً عن صحيفة (هآرتس) الصهيونية (28/11/1999.
نواف الزرو، “حقائق مرعبة في المشهد المقدسي/2009″، صحيفة البيان الإماراتية، (الاثنين 23/3/2009).
عبد الرحمن غنيم، المرتكزات النفسية للفكرة الصهيونية، منشورات الطلائع، دمشق، الطبعة الأولى، 1973، ص25.
إبراهيم العابد، دليل القضية الفلسطينية أسئلة وأجوبة، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، شباط (فبراير) 1969، (بلا رقم طبعة)، ص10.
إسماعيل الكيلاني: الخلفية التوراتية للموقف الأمريكي. المكتب الإسلامي-بيروت. الطبعة الثانية. 1415هـ-1994م، ص115.
المرجع السابق، ص121.
المرجع السابق، ص254.
* البحث ليس موضوعه أحاديث الفتن وإمارات الساعة، ولكن موضوعه المسجد الأقصى، لذلك لن يدخل في مناقشة تلك الأحاديث، ولا تفاصيل الأحداث الكثيرة التي ذُكرت فيها، ولكنه سيعرض ما يتوافق وسياقه في إثبات أن نبوءات التوراة؛ بأن المسجد الأقصى “البيت أو الهيكل” سيكون مقر سيادة لأُمة عالمية آخر الزمان، وأن المسيح يحكم منه العالم، لا يُقصد بها أُمة القبيلة “اليهود”، ولكن أُمة الإسلام التي هي صاحبة الدين السماوي العالمي.
جامع علوم الحكم، لزين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي، المتوفى سنة (736ـ795هـ)، تحقيق/شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس، عدد الأجزاء (2*1)، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة، 1417هـ
، ج1/264. مسند أحمد بن حنبل، 4/273، رقم18430.
الأحاديث المختارة لأبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي (567ـ643هـ)، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1410هـ، ج9/276، الأرقام (277،282،283،284). ومشكاة المصابيح لمحمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق/محمد ناصر الدين الألباني، عدد الأجزاء(3)، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1985، كتاب الفتن، ج3/1500.
سنن أبي داود، باب في إمارات الملاحم، ج4/110، رقم 4294. المستدرك، باب الفتن والملاحم، ج4/467، رقم8297.
محمد سعيد حوّى “دكتور”، مستقبل الصراع على الأرض المقدسة، الطبعة الأولى،1426ها- 2005م، حقوق الطبع محفوظة للمؤلف، نسخة خاصة على قرض مضغوط، ص101.
صحيح مسلم، كتاب الإمامة، باب لا تزال طائفة، ج1/137، رقم156.
المستدرك على الصحيحين، كتاب الكسوف، ج1/479. وصحيح ابن حبان، ذكر الخبر المدحض لمن زعم أن الكسوف يكون لموت العظماء من أهل الأرض، ج7/103. والمعجم الكبير للطبراني، ج7/189.
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، ج4/2238، رقم2921.
صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، ج3/1316، رقم3398. وصحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، ج4/2239، رقم2921.
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، ج4/2239، رقم2922.
محمد سعيد حوّى، مرجع سابق، ص106.

الحلقة الثانية الأبدال وجهتنـــا ومنهجنــا نحو الخلاص القادم الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي

 

الأبدال وجهتنـــا ومنهجنــا نحو الخلاص القادم

الحلقة الثانية

الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي

نؤكد أننا الأمناء على السنة والخادمون بسيفتنا كما قلمنا للعترة النبوية ..
اعتقادا منا أن
” أهل البيت عليه السلام هم أهل السنة الحقيقيون” وأنصارهم حملة الحق
وخلاصة النبوة وبوابة النور والعلم والحكمة هم آل البيت عليه السلام وهو القول الفصل
في وصية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله :
” أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد الدين فعليه بالباب ”
وهو ترجمان قول الحق في علاه :
{… َلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا
وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (45)
: وبعد أن نزلت الآية الكريمة أشار النبي ألأعظم لتفسيرها مشيرا إلى بيت أمير المؤمنين :
علي عليه السلام في خطابه : وقال : “كذب من زعم أنه يدخل البيت من غير بابه “(46)
… وعليه بات واضحا أن باب آل النبي محمد عليه السلام هم بوابة الدين والعلم والشرف
المقدس. وهم خلفاء النبوة الراشدين المرشودين الذين قال فيهم نبي الأمة صلى الله عليه وآله ”
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ” (47)
.. ولا يحق لمدعي وزاعم أن يدخل الأمة من غير باب نبيها !!
والصحابة الأجلاء هم عنوان الإتباع وها هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤكد
عشرات المرات في اعترافه أمام الصحابة أجمعين بالقول في حرم الله وأمام الكعبة المقدسة :
” أعوذ بالله أن أعيش في زمن ليس فيه أبا الحسن ”
علي بن أبي طالب ” عليه السلام
وعمر بن الخطاب كان قد تفرد برواية الحديث الذي لم يأخذ شهرة
عند المسلمين لأساب خاصة بأزمة فاجعة السقيفة ” قال :
” والله إني لأشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال :
” لو وضع إيمان أهل السموات السبع في كفة ، و أهل الأراضين السبع في كفة
وإيمان علي بن أبي طالب عليه السلام في كفة لرجح إيمان علي ” (48)
وبهذا الاختصار نؤكد على وجهتنا الاعتقادية في حمل الإسلام العظيم ..
على أرضية السنة والعترة .. لا على خطى أعدائهم وقاتليهم وليس أمامنا خيار :
إما الانحياز لمشروع النبوة الممثل في أهل البيت المطهرين عليهم السلام و ختامها خليفة الله
المهدي الموعود ” عليه السلام ومتبعيهم من المؤمنين والصحابة الأجلاء، وأما حمل العداوة
للنبي وأهل بيته المطهرين عليهم السلام وهو بوابة الكفر !! هذه وجهتنا الثابتة والمنحازة
سلفا إلى الخندق النبوي وخنادق آل بيته المطهرين …

رابعا : وحدة الأمـــة خيارنا :

من خصائص وجهتنا هو توجهنا التوحيدي ونبذ كل ما يفرق صف المسلمين، وعلى هذه الوجهه
ندعوا أنصار آل محمد عليهم السلام في الأرض المقدسة وفي المحور الشامي المقدس إلى نبذ كل
أشكال الفرقة.. وكما تعرف شوارع الوطن وجهتنا في الانتفاضة الأولى وعلى امتداد الساحة
قدمنا أنموذج الوحدة في بياناتنا وكتبنا، ونحن وأنصارنا ندرك حجم المؤامرة على هذا الخط
الإلهي المقدس وليس أدل على ذلك مما يفعله الخونة في مواجهة حزب الله وقيادته المنصورة..
وعلى أنصار آل البيت عليه السلام أن يكونوا أنموذج الطهر كسادتهم في هذا العالم.. وقد طهر
العلي القدير النبي صلى الله عليه وآله في القرآن وحين وضعهم النبي صلى الله عليه وآله
وجبرائيل عليه السلام في كساء التقديس لينزل عز وجل قدره في قولة العلي :
{.. إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيراً} (49(
– دعوتنا وحدة للتكاتف والطهر ونبذ كل خيارات الشيطان وأشكال التزييف والدجل وكل أشكال
المقامرة بالدين والشهداء .. إن أمة يشهد لها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يقتضي بناؤها أن
يكون منحازا للنبي صلى الله عليه وآله المطهرين عليهم السلام، والوحدة هي أرقي أشكال الثورة
وفكر المواجهة وهي ضمانة السلاح من فكر الفتن.. وهديها من نور ربها .
قال تعالى:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (50)
والاعتصام بالقرآن والسنة عبر بوابة العترة هي الضمانة الأكيدة لوحدة الأمة المؤمنة .
وقد أوصى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ” عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : إني أوشك أن أدعي فأجيب وأني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما ” (51)
قال المفسرون : ” حبل الله هم آل محمد صلى الله عليه وآله .
وذكر النبي صلى الله عليه وآله في ترجمان الآيات قوله: ” إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم
به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ” (52(
.. والملاحظ التطابق بين مفهوم الاعتصام وهو دعوة محقة ظاهرة للقرآن والعترة ” الثقلين ”
وهو ما استهدف إيجاد بناء نسيجي قرآني للوحدة الإسلامية بين المؤمنين . يكون أهل البيت
هم أصل النهضة والثورة.” فاخلفوني فيهما ” الحديث
.. عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء
إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ” (53)
” عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من حجة
الوداع و نزل غدير خم أمر بدوحات فقمن فقال : كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم
الثقلين
أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض ثم قال : إن الله عز و جل مولاي و أنا مولى كل مؤمن ثم أخذ بيد علي
رضي الله عنه فقال : من كنت مولاه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ..
و ذكر الحديث بطوله “هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه بطولها ” (54(
… قال النبي صلى الله عليه وآله :
” إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله
حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ” (55)
.. وقال صلى الله عليه وآله وسلم :
” أخلفوني في أهل بيتي ” (56)
خامســا : موقفنا من الصحابة المكرمين :
موقفنا واضحا جليا من الصحابة الأبرار وهو الترضي عنهم .. وعدم الدخول في المسائل
القدرية لهم مثل الجنة والنار، ونرى ذلك يدخل من يتناوله في باب المحظور أو التأله ،
وأن ننتهج الأمر الإلهي بالدعاء للمؤمنين كافة والاستغفار لهم والتمني لهم بالفوز والرحمة وهو
نهج أئمتنا وقادتنا عبر التاريخ .. وهو ما يتجلى في قوله تعالى : ”
{ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (57)
وقد تميز أئمة آل البيت عليهم السلام وبالخصوص ما وصلنا من الإمام زين العابدين
عليه السلام في دعواته وسجداته بالدعاء لأتباع الرسل :
” اللهم وإتباع الرسل ومصدقوهم من أهل الأرض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب
والاشتياق إلى المرسلين بحقائق الإيمان في كل دهر وزمان .. ” وكان يدعو :
” اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحابة والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره ،
وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالته ،
وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به
ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ
تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل فقرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك
وفيك وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم
على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ومن كثرت في إعزاز دينك
من مظلومهم… اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا
الذين سبقونا بالإيمان ” (58)
والدعاء المطول يكشف عن روح الرقة والمودة الشعورية وحسن رد الجميل..
وهو الأنموذج النبوي الأصيل في الرأفة .. وما دون ذلك من أشكال اللعن والسباب والتي نها
عنها النبي صلى الله عليه وآله . فهي من أبواب الفسق والفواحش المحرمة والذنوب الدنيئة
الموجبة من الإمام العقوبة ، فضلا عن أنها تجاوز حقوق العباد وفيه المحظور القرآني
والنبوي.. والاشكالات التاريخية لا تحسمها قوة في الأرض سوى قوة الخليفة والحجة القادم .. وفيه قول الحق تبارك وتعالى “:
}وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ
عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } (59)
وقال تعالى في السياق :
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } (60)
والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله يؤكـد على البعد الأخلاقي في عدم مشروعية اللعن والسباب
للمسلمين عامة ويقول في السياق:
” أبي وائل عن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ”
وقال صلى الله عليه وآله :
” عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
” ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ”
ومن المشين الخلط والتعميم الدائر باسم الدين والتشويه الجائر الذي يقوم به بعض الجهال
كرد فعل على مظلومية آل البيت الطاهرين عليهم السلام وفيه الإساءة البالغة والمخالفة الصريحة
لكل الأصول والثوابت !! وعليه نؤكد لكل أنصار آل البيت عليهم السلام في قلب الأرض
المقدسة بإغلاق باب الفتنة وإثارة البغضاء المسيئة لروح الدين ورسالة التسامح
التي حملها أئمة آل البيت الطاهرين عليهم السلام ، حتى مع خصومهم . وهذا لا يعني إغفال
حالة النفاق والعداوة النفاقية لبني أمية وهم قتلة الأئمة المطهرين ومن لحقهم من بني العباس،
ونري أن الأهم لرسالتنا هو التهيئة والتوطئة لمقدم خليفة العدل الإلهي الذي سيقتل كل رموز
الإفساد في الأرض وهذه هي المهمة الحقة لمسيرتنا .
إن النظر للتاريخ بكليته بمنطق التضاد والعداوة والسوداوية يجعل من العقل الإسلامي محكوم
عليه بالإغلاق والتفسيرات المقلوبة، وهو نفس الأنموذج المعادي للحق ، والذي مارسه الطغاة
بضراوة ضد المتقين الأطهار فالسب واللعن على المنابر هو خاصية أموية جعلتهم خارج سياق
الحق وضمن أنموذج البغاة . والإمام علي عليه السلام نهى صراحة عن اللعن والسباب
” لا تلعنوا أهل الشام ” وأما الخونة وقتلة آل محمد عليهم السلام .. فعليهم اللعنة إلى يوم الدين ..
ومن هنا نؤكد أن التشريف بآل النبي محمد عليه السلام يكمن بأتباعهم والتطهر بتطهيرهم ، هذا
هو موقفنا من مسألة الصحابة .. ونحن بذلك لا نسطح التاريخ ولا ننظر له بالقدسية الكلية ولكن
حفظا على اتساق سمة التوازن الأخلاقي .. والأفضل عدم الانجرار للوقوع في المحظور درء
لباب الفتنة والشك والتوجه الإنساني هو الأساس في قبول مشروع آل البيت عليه السلام ..
وزرع العداوة يعزل المسلمين عنهم وبالتالي بغطاء آل البيت عليهم السلام يمارس الكذب
وسياسات التلاعن و ما أفسح المجال لخصوم آل البيت عليهم السلام من تكريس
حملة الحقد وفتاوى القتال والاغتيال؟

البقية والمراجع يتبع الجزء الثاني

أخوكم
محمد نور الدين الهاشمي
فلسطين المقدسة

15 ذو القعدة 1430 هجرية
2 نوفمبر 2009 ميلادية